الاحتفال بالمولد النبوى الشريف يعود لواجهة الخلاف الفقهى مابين رفض السلفيين وموافقة الأزهر
يعتبر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من المناسبات الدينية التي تثير جدلاً واسعاً بين المسلمين،يعد الاحتفال بالمولد النبوي من القضايا الخلافية في الفقه الإسلامي، حيث تختلف الآراء حوله بين العلماء. فبينما يراه الصوفية مناسبة للتعبير عن حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، يعتبره السلفية بدعة.
حيث تتباين الآراء حول مشروعية هذا الاحتفال. في هذا المقال، سنتناول أهم الآراء المؤيدة والرافضة للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، مع عرض لأبرز الحجج التي يستند إليها كل طرف.
لم يكن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو في القرون الإسلامية الأولى. وظهر هذا التقليد كعادة متأخرة في القرن الرابع الهجري، ولا يوجد دليل صريح في السنة النبوية على مشروعية هذا الاحتفال.
فيعود تاريخ الاحتفال بذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى العصر الفاطمي، حيث أطلقه الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بعد دخوله إلى مصر عام 969 ميلادي. وقد أراد من خلال هذا الاحتفال تقريب المسلمين إليه، وتعزيز وحدتهم، مستغلاً أجواء الفرح والسرور التي ترافق هذه المناسبة الدينية.
مر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بمراحل متعددة، فبعد ظهوره في العصر الفاطمي، تأثر بقرارات الحكام المتعاقبين، فتارة قُبل وتارة حُظر كما حدث في العصر الأيوبي وقُبل في عهد محمد علي وتحول لتقليد صوفي . وقد لعبت الطرق الصوفية دورًا محوريًا في استمراره وتطوير طقوسه، ليشكل اليوم جزءًا أصيلاً من التراث الشعبي في مصر.
فيعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من القضايا الخلافية في الفقه الإسلامي، حيث تختلف الآراء حوله بين العلماء.
رأي الجماعة السلفية في حُرمة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
فبينما يراه الصوفية مناسبة للتعبير عن حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، يعتبره السلفية بدعة.
ومن أبرز علماء السلفية الذين رفضوا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الشيخ السعودي عبد العزيز بن باز، الذي استند في رأيه إلى عدم وجود دليل شرعي واضح على مشروعية هذا الاحتفال وأنه بدعة.وبدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يحتفلوا بيه عكس عيد الفطر وعيد الأضحى.
رأي علماء الأزهر في جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
على الجانب الآخر، يرى الأزهر الشريف وأغلب المفسرين السنة أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عمل محمود يعبر عن حب النبي صلى الله عليه وسلم، ويجمع المسلمين على ذكر الله وتلاوة القرآن. وقد أفتى علماء كبار مثل ابن حجر العسقلاني والسيوطي بأن الاحتفال بالمولد بدعة حسنة.
وبالنسبة للمرجعيات الشيعية، فإنّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبير عن حب، وتكريم وإعزاز للنبي، وبذلك فهو لا يُدخِل في الدين ما ليس منه.
رأي علماء الدين في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
فالشيخ متولي الشعراوي رحمه الله قال إن الحسنة مش في يوم الاحتفال ولكن الحسنة في اتباع أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن قدر الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى من احتفال المؤمنين بيه
وقال الشيخ مصطفى العدوي أن الاحتفال لم يرد عن الرسول ولا الصحابة ولا التابعين وأنه أمر مُحدث
وقال الشيخ محمد حسين يعقوب أننا نعمل ما أمرنا الرسول به ونترك ما تركه ونهى عنه وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعمل مولد وأمرنا نصوم يوم الاثنين لأنه فيه وُلد النبي صلى الله عليه وسلم وأشار أن ذلك يُعد الاحتفال أما الاحتفال بيوم المولد النبوي بدعة وهي مخالفة للعقيدة وأنه يوم مثل سائر الأيام
وقال الشيخ محمد حسان أن محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا تختزل في يوم واحد في العام فمحبتنا رسول الله أعظم من ذلك بكثير وكذلك قدره أعلى من ذلك بكثير
رأي الفقه في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
الخلاف الفقهي يأخذ أحياناً أبعاداً سياسية في يومنا هذا، تماماً كما كان خلال التاريخ الإسلامي. فمع صعود الحوثيين في اليمن، بات الاحتفال بالمولد النبوي أكثر انتشاراً هناك. في المقابل، كان تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية يمنع الاحتفال بالمولد في المناطق التي سيطر عليها في سوريا والعراق.
وبعيداً عن رأي علماء الدين، يبقى الاحتفال بولادة محمد جزءاً راسخاً في الثقافة الشعبية العربية، نظراً للتقاليد الاجتماعية المرتبطة به من جهة، وللأعمال الشعرية والفنية التي واكبته كنوع من التكريم. فمن منا لا يعرف قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي "ولد الهدى فالكائنات ضياء" التي أدتها أم كلثوم على لحن رياض السنباطي؟.
وبذلك، يتضح أن الاحتفال بالمولد النبوي يمثل أحد أبرز النقاط التي تشهد اختلافًا في الرأي بين مختلف المدارس الفقهية الإسلامية.
يبقى الجدل حول مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي مفتوحًا، ولكل رأي حججه وأدلته. وفي النهاية، على كل مسلم أن يتحرى الحق والصدق في هذا الأمر، وأن يستشير العلماء الموثوق بهم ليصل إلى قناعة تامة.