الأربعاء 16 أكتوبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

ذكر قدامة بن جعفر في كتابه نقد الشعر فن المبالغة وعرفه بقوله :"أن يذكر المتكلم حالاً من الأحوال لو وقف عندها لأجزأت، فلا يقف حتى يزيد في معنى ما ذكره ما يكون أبلغ في معنى قصده، وأورد شاهدا عليها قول عمرو بن الأهتم التغلبي:

ونُكْرمُ جارنَا ما دام فينا ... ونُتْبِعُه الكرامةَ حيثُ مالا

والمعنى: أنهم يكرمون جارهم ما دام مقيما فيهم ، فإذا رحل عنهم أتبعوه بكرمهم وجودهم حيث أقام .

تعلمنا هذا في كتب البلاغة والأدب، والحقيقة أن ما ذكره الشاعر ليس من باب المبالغة على الإطلاق، وما نراه من كرم وجود الزملاء والإخوة والأصدقاء  بالمملكة العربية السعودية خاصة مدينة حائل الأصالة والكرم،  يتجاوز إتباع الكرامة التي ذكرها الشاعر وعدها النقاد من باب المبالغة، أجل يتجاوزها إلى التعبير عن الحب الفطري لمصر وأهلها، حب تجذر في قلوبهم، وتشكل في وجدانهم، حب تراه في صفو الود وحرارة اللقاء.

 

وتشريف سمو ولي العهد السعودي لمصر بالزيارة، وحفاوة ودفء الاستقبال لسموه من فخامة رئيس مصر وكبار قادتها لهو تاج ذلك الحب.

 إنني لا أبالغ عندما أقول: إن مصر كلها أرضا وشعبا ليغمرها شعور بالطمأنينة والسكينة بزيارة سمو ولي عهد المملكة العربية السعودية، ويستبشر الجميع بمستقبل مشرق للمنطقة كلها، يثمره التعاون بين البلدين الشقيقين .

 أقول هذا وقد أسعدني أخي وزميلي سعادة الدكتور خالد بن ناصر الفريدي بإرسال ما سطره الكاتب والأديب السعودي ابن مدينة "رفحاء " بمحافظة : حائل :" محمد الرطيان " وذلك بمناسبة زيارة سمو ولي عهد المملكة العربية السعودية لمصر.

 وقد استأذنت في نشره بنصه لأن ما حوته كلمات الكاتب من حب وتقدير وعشق لمصر لا يمكن تلخيصه أو إعادة صياغته.

يقول الرطيمان : "أنا رجل أعشق مصر، لم يكن السبب فتاة من «المنصورة» اختلطت فيها الأعراق فشكّلت حُسناً خرافياً، ولم يحدث لي مثلما حدث لسنتياغو - بطل رواية الخيميائي - حين سحرته فتاة من «الفيوم»، ولم يسبق لي أن شربت من مياه النيل... النيل لا ينتظرك لتذهب إليه، لو فتحت أي شباك في أي بيت عربي سترى النيل يجري:

‏أغنيات ، ومواويل ، وقصائد ، وهدير ، وصهيل ، وحكايات مجد ، ووجد ، ونخيل.

‏لا يحتاج العربي أن يذهب إلى مصر..

‏مصر تأتي إليه في عقر داره:

‏من منّا لم يُصب بوجع الشجن المنبعث من نايها وكمانها؟

‏من منّا لم يسبق له أن عالجه أحد أطبائها؟

‏من منّا لم يقرأ كتاباً خطّته يد أحد مبدعيها؟

‏من منّا لم يعلمه أحد مدرسيها؟

‏من منّا لم يهتز طرباً على أحد مقاماتها؟

‏من منّا لم تُضحكه - من القلب - نكتة ابتكرها أحد ساخريها؟

‏هي مصر:

‏لها وجودها في ذاكرتنا، ولها جودها في أحلامنا.

‏هي المكان..

‏الذي يمنحنا المكانة.

‏هي «مصر».. وكفى، ويكفي مصر أن تقول: مصر .

‏يقول التاريخ:

‏لم يقف في وجه التتار - ويهزمهم - إلا رجالها .

‏يقول التاريخ:

‏منها خرج القائد والجيش الذي هزم الصليبيين الغزاة .

‏يقول التاريخ:

‏إنها في رمضان حطمت خط بارليف، وكسرت الجيش الذي لا يكسر.

‏يقول التاريخ:

‏كم أعشق «الجغرافيا» التي شكّلتها! "

حفظ الله القطرين الشقيقين السعودية ومصر ، وأدام أمنهما واستقرارهما ، ووفق قادتهما لما فيه خير الشعبين الشقيقين .

تم نسخ الرابط