النيابة للقضاة: العدل مبدأ أساسي دبر به رب الكون نظامه وأسس عليه وجوده ودورانه
استمعت محكمة جنايات أول درجة الجيزة، إلى مرافعة النيابة العامة، في القضية المتهم فيها العاطل علي لطفي بهتك عرض نجل زوجته، والتسبب في وفاته عقب التعدي عليه بالضرب باليد، مما ادى لفقدانه الوعي ووفاته.
قال خالد أبو رحاب وكيل النائب العام بنيابة حوادث جنوب الجيزة، أمام محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار عماد الخولي، وعضوية المستشارين خالد إسماعيل و عبد الله مؤمن، بحضور أحمد كيرة وكيل نيابة مركز الجيزة، بأمانة سر محمد هاشم وأسامة شاكر،، يقول الله تبارك وتعالى" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" بسم الله الحق الحكم العدل.. العدل، اسم من أسماء الحق تبارك وتعالى، تقدست بالجلال والكمال أسماؤه.
العدل، صفة من صفات العلي المتعال، تنزهت عن التأويل والتبديل صفاته.
العدل، مبدأ أساسي دبر به رب الكون نظامه وأسس عليه وجوده ودورانه.
وتحقيق العدل مهمة الرسل والأنبياء وهو رسالة السماء ووطيدة الحكم الصالح، ولازم للفصل بين الصالح والطالح.
وبالعدل وحده تصان القيم، وتعلو الهمم، وتستقر المبادئ ، فيعلو بناء الإنسان وتلك غاية الغايات في كل مكان، وقمة الأهداف لأي مجتمع متحضر ينشد امنا واستقرارا ويستهدف مستقبلا أكثر رفعة وازدهارا.
والعدل لا يجئ ولا يتحقق من تلقاء نفسه، بل ينقطع لفرائضه ويسير على مناسكه ويتجرد له القضاء.
القضاء نظام شامل، متكامل، مستقل، محايد، فالقضاء قبس من نور الله الحق لأنه القوام على إقامة العدل.
فالقضاء فريضة محكمة وسنة متبعة.
ومن هنا كانت ولاية القضاء من أعلى الولايات قدرا وأجلها خطرا وأعزها مكانة وأعظمها شأنا لأن بها تعصم الدماء وبدونها تسفك، وبها تحرس الأعراض وبدونها تهتك، وبها تصان الاموال وبدونها تسلب، وبها أيضا نعلم ما يجوز من المعاملات وما يكره منها ويندب.
وأنتم قضاة الحق سيدي الرئيس وبالعدل تنطقون، فهذا ما عهدناه بكم وأملنا فيكم.
أما واقعة اليوم لا عدل فيها، ظلم بين وجهل متعين.
السيد الرئيس، هيئة المحكمة الموقرة.
لقد جئنا اليوم محملين بأمانة، نشرف بحملها، وهي تمثيل ذلك المجتمع، ويا لها من أمانة، تلك الأمانة التي تحقق ما تبتغيه جميع الشرائع السماوية، تلك التي لم ولن يشغلنا شاغلا غيرها، دائبين على تحقيقها، مهما كان من همها وأعبائها، ومهما كثر غواتها، وأشدو في اضلالها، فللظلم متصدرون، وللفاسقين قاهرون، وعلى الله متوكلون، وللعدل نمضي في طريق واعر فيه مسرعون، وتلك هي رسالة النيابة العامة.
وجئناكم بشكاية المجتمع عن واقعة اليوم.
الوقائع
وقبل أن ألج في أحداثها، أحب أن أبلغكم سيادة الرئيس، أنه من أدغال الدنس، ومن أعلى تباب النجس، مرورا بوديان الضلال، عقبما الإبحار بمحيطات النزال، ومن هناك جئناكم بهذا المتهم الماثل أمامكم، وقبل أن نقص عليكم بغائه، دعونا نخبركم سيدي الرئيس، أن واقعة اليوم فيها الجرم فاحش، والفعل واحش، ارتكبها ذئب ناهش، لطفل لم يبلغ الثلاث سنوات كان في كنفه عائش.
فتبدأ وقائع دعوانا منذ ما يقارب عقدا من الزمان، عندما تزوج والدي الطفل المجني عليه على كتاب المنان، ورزقهما الله ثلاثة أولاد سالمين البيان والبنيان، فأكبرهم يحيى وأوسطهم مالك وزادهم الله أنوارا بأن ختم لهم بعمار.
عاشوا حياتهم سالمين آمين، ليسوا ضالين ولا مضلين، كأي زوجين وهبا السكينة من رب العالمين، ولكن بمرور الأيام ظهرت بعض الخلافات لتعكر صفو ما قد فات، وإن الاختلاف هو سنة من سنن الحياة، ولكن بقدر، فإن جاوز الاختلاف القدر، فذلك عظيم الكدر.
وظلت الخلافات بينهما تتعاظم، وكل منها لغيظيه كاظم، ولكن إن كان دوام الحياة بين زوجين أمرا محالا، فإن الطلاق في شريعتنا وإن كان أبغض الحلال، حلال.
فكان الفراق بين والدي المجني عليه هو ما آل الحال، تاركين بينهما ثلاثة أطفال صغير الأعمار وأصغرهم عمار.