شريف الاسواني يكتب: عيد النصر ملحمة جيش وصمود شعب
عيد النصر على العدوان الثلاثي هو مناسبة وطنية عزيزة على قلوب المصريين، وهو يوم لتحديد الوعد والعهد بالوطن، والتذكير بتضحيات الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم من أجل مصر.
في 23 ديسمبر تحتفل مصر بذكرى انتصارها العظيم على العدوان الثلاثي الذي شنه عليها تحالف من الدول الاستعمارية عام 1956. هذه الذكرى ليست مجرد يوم عطلة، بل هي يوم لتجديد العهد بالوطن، والتذكير بتضحيات الأبطال الذين دافعوا عن أرضهم وعرضهم وسلامه ووحدة اراضيه.
أسباب وأهداف العدوان الثلاثى على مصر
إعادة الشركة الفرنسية للاستيلاء على القناة وإعادة إدارتهم وسيطرتهم عليها، بينما كان هدف الانجليز من العدوان إعادة احتلال مصر بعد أن أرغمت على الجلاء عنها فى 18 يونيو 1956، ولكن المقاومة الباسلة لأبناء بورسعيد وبورفؤاد جعلت وجودهم واحتلالهم مستحيلا.
كان العدوان الثلاثي الذي شنه تحالف من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر في عام 1956، محاولة بائسة لاستعادة نفوذ الاستعمار في المنطقة، والانتقام من قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس وكان الشرارة آلتي أشعلت فتيل الحرب.
هذا القرار الذي كان يهدف إلى تأكيد السيادة المصرية على هذه القناة الحيوية، اعتبرته الدول الاستعمارية تهديداً لمصالحها الاقتصادية والسياسية في المنطقة، كما كانت مصر في ذلك الوقت تدعم الثورات العربية، خاصة الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، مما زاد من حدة المؤامرة على مصر .
إلا أن هذه المؤامرة اصطدمت بصمود الشعب المصري وجيشه الباسل، الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن. تعد حرب 1956 نقطة تحول في تاريخ مصر والعالم العربي، وهي مصدر فخر واعتزاز لكل مصري، وهناك العديد من العوامل التي ساهمت في تحقيق النصر في هذه الحرب، من أهمها وحدة الشعب والجيش
تلاحم الشعب المصري مع جيشه ووحدته الوطنية، كانا سلاحًا قويًا في مواجهة العدوان بالدعم الشعبي العربي والدولي: حظيت مصر بدعم شعبي عربي واسع، بالإضافة إلى دعم دولي من الاتحاد السوفيتي وغيرها من الدول المحايدة.
ولعبت القيادة الحكيمة للرئيس جمال عبد الناصر دورًا حاسمًا في توجيه دفة المعركة وتحقيق النصر.وهي نقطة تحول في تاريخ مصر والعالم العربي، حيث أثبتت قدرة الشعوب العربية على الصمود والتحدي في وجه القوى الاستعمارية. كما أظهرت أهمية الوحدة الوطنية والقيادة الحكيمة في تحقيق الانتصارات.
بطولات شعب بورسعيد 1956 يسجلها التاريخ المصري بحروف من نور تضيق مساحة المقال عن ذكرها ولكن لن يضيق التاريخ عن تخليدهم وتوجيه التحية والتقدير لهم جميعا.
نستعيد تجليات المقاومة الشعبية لمدينتين من أصغر مدن مصر واعظمها نضال مدينة بورسعيد الصامدة أمام قوات الغزو البرية والبحرية والجوية ومعها الكيان الصهيونى الهش
نستحضر وقائع وأحداث النصر لندرك ونثق تماماً أن الشعب المصري قادر ويستطيع استجماع قوانا ووحدة صفوفنا وأن النصر دائماً حليف لنا وقادرين أن نحققه ونهزم كل مخططاتهم مرة ثانية.
لعبت المقاومة الشعبية دوراً حاسماً وبطولياً في حرب 1956، حيث وقف المواطنون المصريون جنباً إلى جنب مع الجيش في مواجهة العدوان الثلاثي بعمليات فدائية ضد قوات الاحتلال، مستهدفين مواقعهم ومعداتهم واتبعوا تكتيكات حرب العصابات، مما جعل من الصعب على القوات الغازية السيطرة على المناطق
قاموا بقطع الطرق وإغلاق الممرات، وقدموا معلومات استخباراتية هامة للجيش عن تحركات العدو.وشهدت بورسعيد مقاومة شعبية عنيفة، حيث قام المواطنون بشن هجمات على القوات البريطانية، وتمكنوا من أسر عدد من الجنود البريطانيين.
كانت المقاومة الشعبية مثالاً ساطعاً على التلاحم بين الجيش والشعب، وعلى قدرة الشعب المصري على الصمود والتحدي في وجه العدوان. وقد أثبتت هذه المقاومة أن الشعب هو أساس قوة أي أمة، حيث شكلت المقاومة الشعبية ضغطاً كبيراً على القوات الغازية، وأضعفت قدرتها على التحرك، وكانت أحد العوامل المهمة التي ساهمت في تحقيق النصر لمصر.
من أعظم نماذجها قصة بطولة واستشهاد الشهيد جواد على حسنى الذى أفزعت مقاومته القوات الفرنسية ولم يستطيعوا القبض عليه إلا بعد أن أفرغ فيهم مدفعه سريع الطلقات، ومن دمائه التى نزفت من إصابة فى كتفه كتب بها على جدار الغرفة التى حبسوه فيها وحده شهادة من أعظم شهادات وعشق بلاده وتنضم إلى أبطال المقاومة الذين سرد بطولاتهم الأطلس التاريخى
على الرغم من خسائر مصر المادية والبشرية، إلا أنها حققت انتصاراً معنوياً كبيراً، حيث أثبتت قدرتها على الصمود والتحدي في وجه العدوان وأدت إلى تراجع نفوذ القوى الاستعمارية في المنطقة،
كما سرعت هذه الحرب عملية إنهاء الاستعمار في العديد من الدول وزادت من الشعور بالوحدة العربية والتضامن بين الدول العربية وساهمت في تأسيس حركة عدم الانحياز.
يعتبر دور الإعلام المصري في حرب 1956 نموذجاً يحتذى به في كيفية استخدام الإعلام كسلاح فعال في الدفاع عن الوطن وحشد الرأي العام. وقد أثبتت هذه التجربة أن الإعلام القوي والواعي قادر على تحقيق إنجازات كبيرة وتغيير مجرى الأحداث.فقد تمكن من نشر الوعي الوطني، بين المصريين، وشرح أبعاد العدوان وأهدافه، وكيف يهدد هوية مصر واستقلالها،
كما ساهم الإعلام في رفع الروح المعنوية للمواطنين، وتشجيعهم على التكاتف والوحدة لمواجهة التحديات. وفضح الإعلام الدعاية المعادية التي حاولت تشويه صورة مصر وتبرير العدوان، وكشف الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال
تحل علينا ذكرى النصر العظيم فى23 ديسمبر 1956،التى اتمنى أن تحتفل بها مصر كلها، خاصة فى المدارس وتعود عطلة رسمية ليتذكرها أبناء الأمة العربية والإسلامية.