ads
الأحد 09 فبراير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

بات مثل الشمس أن  الكيان الصهيوني على الأرض المحتلة إن هو إلا ولاية أمريكية تحمل الولاية  رقم ٥١   ، لتبقى  رأس حربة في خاصرة العرب والمسلمين  وأن جوهر الصراع  هو  بالأساس عقائدي ،  هذا  بمناسبة تصريح ترامب  بتهجير أهل غزة  وإحتلال القطاع ، وهو ما يستدعي تساؤل في غاية الأهمية، كيف يصنع القرار في امريكا ؟!  لاشك أن الولايات المتحدة الأمريكية بإعتبارها  دولة مؤسسات يتعاظم فيها صناعة القرار ويمر بمراحل بالغة الدقة ، يتصدرها مجلس الأمن القومي الذي يشكل عصب  ماكينة السياسة الخارجية الأمريكية ،  يضم في عضويته رئيس الدولة ونائبه - وزير الخارجية -  وزير الدفاع
ورئيس هيئة الأركان المشتركة -  ودائرة المخابرات المركزية ، وتقف من خلفها مجالس أخرى لاتقل أهمية عن سابقتها في رسم إستراتيجية القرار ، ابرزها  وول ستريت " بيت المال والمصارف" ، ومؤسسة بروكنج ومعهد هيدسون للأبحاث ونخبة من الشخصيات الإعلامية الرائدة  التي تهيأ الرأي العام داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية لإحداث التغيير وجعل العالم قبلة واحدة تتفق مع توجهات السياسة الأمريكية ، فهل توافقت كلها مجتمعة على هذا القرار ؟! أم تجاوزها ترامب وإستيقظ مبكراً على هذا الحلم !! فات ترامب معرفة طبيعة الفلسطيني رجلاً كان أو إمرأة أو طفل إنهم ثلة من البشر يتشبهون بحفدة الصحابة رضوان الله عليهم ،  لا يعرفون الخنوع أو الإنبطاح  وليسوا كأحجار الشطرنج يحركهم كيفما يشاء ، شعب لا يعرف الإنكسار  ، غايتهم  في  الحياة  الجهاد حتى تحرير الأرض والمقدسات الإسلامية من دنس المحتل ،  وعقيدتهم في القتال  إما النصر أو الشهادة وحبهم للأخيرة أشد ،  لم يمنعهم الحصار الذي دام سبعة عشر عاماً ان يتركوا الجهاد ويرفعوا الراية البيضاء  ،  وإن لم يتخلى ترامب عن حلمه  سيلقى مصير  أسلافه في مستنقع فيتنام وأفغانستان  لا محالة ،  ولا شك  أن المقاومة الفلسطينية متجذرة في أرضها  ماضية في جهادها  ولن تعيد  تجربة الملك حسين مع أبو عمار  في ستينات القرن الماضي ،  حينما استقبلت المملكة أنذاك آلاف الفلسطينين عقب نكسة يونيو ١٩٦٧ وسمحت  لمنظمة التحرير وبخاصة  حركة فتح والجبهة الشعبية من القيام  بشن هجمات شرسة  ضد  الكيان من داخل الأراضي الأردنية التي لاقت ترحابا  عربيا كبيرا ، وإستمر هذا الوفاق  حتى توج بالنصر   في معركة الكرامة مارس ١٩٦٨ ،  ووقف ابوعمار مع الجيش الأردني  كتفاً  بكتف  ،  ولكن ما لبث أن  جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فقد   ذاع صيت حركة فتح ولمع نجم ابوعمار وكان على موعد مع الزهو الذي ينتاب النفس البشرية حينما  يستبد بها  الغرور وتصور أن بإمكانه السيطرة على  عمان  وتهديد عرش الملك ،  ولحسابات إقليمية أنذاك لم يكن بمقدور  الملك مجابهة منظمة التحرير الفلسطينية عسكريا  لأنها كانت مدعومة من دمشق وبغداد  الظهير العربي الأول لها   ، ومن الجدير بالذكر أن احمدحسن البكر   لطالما هدد الملك بإسقاط عرشه لو نال الفلسطينين بسوء ، وهو ما دفع الملك خوفاً  على عرشه أن ركع تحت أقدام   الشيطان البريطاني والأمريكي لتحييد دمشق وبغداد.- وكان له ما أراد -  لينفرد بالفلسطينيين وتم سحقهم من قبل الجيش الأردني  فيما عرف بأيلول الأسود ١٩٧٠ - ١٩٧١ ، لتتغير معادلة الصراع من عربي إسرائيلي  إلى  أردني فلسطيني  ،  وانتهى بذلك  فصلا من فصول  النضال الفلسطيني من ارض الأردن بمأساة ايلول الأسود،  ليتنقل إلى جغرافية أخرى  على أرض لبنان ، تمر الأيام وتتعاقب السنين فهل توقفت المقاومة ؟!   لم تتوقفت ولم تخمد لها نار   ، لتعلن عن ميلاد جديد من الجهاد هذة المرة يخرج من قلب غزة الحرة الأبية وليس من الحدائق الخلفية  من  عباءة مفعمة بالإيمان وصدق النية ، بعد ما اجتمع سبعة رجال في بيت الشيخ أحمد ياسين - رحمه الله ـ  الواحد منهم لا تعدله قبيلة رجال  ليؤسسوا حركة إسلامية أطلقوا عليها " حماس" بدأت بالحجارة حتى الصاروخ  وها هي قد أطلقت شرارة التحرير بالطوفان الراهن ، ومن يظن أن الطوفان قد انتهى  فهو واهم ، إن هو إلا مرحلة في ملحمة عظيمة تؤسس لتحرير الأرض والمقدسات وزوال الكيان   .                                              

تم نسخ الرابط