واقعة حقيقية تعلمت منها درساً لا أنساه ما حييت، وأرجو أن نستفيد جميعاً من هذه الواقعة فى حياتنا العملية ونعلم أبناءنا هذا الدرس فى الإيجابية المطلوبة على الدوام.
فى أوائل التسعينات كنت قد هاجمت أحد الدجالين على صفحات جريدة عقيدتى، فقام هذا الدجال برفع قضية سب وقذف ضدى، وصدر حكم أول درجة بالحبس ستة أشهر.
بعد اطلاعى على الحكم توجهت إلى أصدقائى المحامين لتولى مسئولية الدفاع عنى أمام محكمة الاستئناف، فإذا بالمقربين منى والأصدقاء الأوفياء من هؤلاء المحامين يشكلون هيئة دفاع قوامها ما يزيد على 35 محامياً تطوعوا جميعاً للوقوف مع الحق بالمجان حتى حصلت على البراءة والحمد لله.
الشاهد فى الموضوع أننى فى أول جلسة استئناف لم أتوقع حضور هيئة الدفاع جميعها وخاصة أن أحدهم وهو صديقى الأستاذ عصام غانم المحامى كان قد تم عقد قرانه يوم الخميس السابق على جلسة الاستئناف المنعقدة يوم السبت التالى مباشرة، وكنت قد طلبت إليه عدم الحضور وأن الزملاء الباقين سيقومون بالواجب، فإذا به أول الحاضرين صباح يوم الجلسة، وحين عاتبته فى ذلك بأنه ما كان ينبغى أن يترك عروسه فى ثالث يوم زواج وخاصة أن المتطوعين للدفاع عنى وصل عددهم 38 محاميا، فإذا به يرد بما جعلنى أتعلم منه درساً كما قلت لن أنساه ما حييت، لقد قال: لو كل زميل فكر بنفس الطريقة واعتمد على أن كثيرين غيره سيقومون بالواجب فلن يحضر أحد.
بنفس المنطق .. إذا فكر شعب مصر أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ناجح ناجح فى انتخابات الرئاسة التى انطلقت بالفعل، وقالوا: إن مؤيديه بالملايين، وأن صوتاً واحداً لن يؤثر فى النتيجة، فهذه هى السلبية البغيضة بعينها، إذ سنفاجأ بأن الإقبال سيكون ضعيفاً، فتحدث المفارقات والمفاجآت التى لم تكن فى الحسبان.
لابد أن تنتبه حملة دعم الرئيس السيسى إلى هذه النقطة بالغة الأهمية لأننى لاحظت بوضوح أن غير الراغبين فى إعادة انتخاب الرئيس من الجماعة إياها يروجون بقوة لمقولة السيسى ناجح ناجح .. هو محتاج أصوات!!. والأخطر من ذلك أن بعض المؤيدين سمعتهم يقولون: يا عم الراجل ناجح إن شاء الله ومش لازم أروح أدلى بصوتى وأعطل نفسى وأقف فى طابور طويل وفى النهاية النتيجة محسومة للسيسى.
الإقبال على التصويت فى هذه الانتخابات تحديداً من الأهمية بمكان، حتى نعلن للعالم أن المصريين عن بكرة أبيهم يقفون خلف القائد الرئيس السيسى، ويؤيدونه فى كل المواقف الصلبة الشجاعة فى وجه المخطط الإسرائيلى الأمريكي الغربى على مصر، الذى بدا واضحا بعد عملية طوفان الأقصى، وما زالت المحاولات تجرى على أرض الواقع، وإن كانت الأقوال على لسان المسؤولين الأمريكان، وتوابعهم فى دول الغرب بدأت تتغير وتعلن تأييد مصر فى رفضها التهجير القسرى للفلسطينيين، وأن دخولهم إلى سيناء خط أحمر، وتغيرت تصريحات هؤلاء المسؤولين، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى صار يتحدث عن ضرورة العمل على وقف الحرب والتفاوض لإقرار الحق الفلسطيني فى إقامة دولة مستقلة على حدود ما قبل الرابع من يونيو عام ١٩٦٧.
إلا أن إسرائيل ما زالت ماضية فى تنفيذ مخططها على أرض الواقع، وسط صمت دولى متعمد أو عجز مصطنع عن وقف هذه الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
لا بد أن تظهر انتخابات الرئاسة التى انطلقت بالفعل حجم الوطنيين الحقيقيين الذين يريدون أمن واستقرار مصر.
حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء، ورد كيد كل المتآمرين عليها إلى نحورهم، وشتت شملهم، وفرق جمعهم، وفضحهم على رؤوس الأشهاد.