الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

قيل:"الدين المعاملة"، وقيل أيضا: إن  رجلا قال لعمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: إنّ فلانًا رجل صدق، قال: هل سافرت معه؟ قال لا، قال: فهل كانت بينك وبينه خصومة؟ قال لا، قال: فهل ائتمنته على شيء؟ قال لا، قال: فأنت الذي لا علم لك به، أراك رأيته يرفع رأسه ويخفضه في المسجد!.
إن الرجولة وصف اتفق العقلاء على مدحه والثناء عليه، ويكفيك إن كنت مادحا أن تصف إنسانا بالرجولة، أوأن تنفيها عنه لتبلغ الغاية في الذمّ، ومع أنك ترى العجب من أخلاق الناس وطباعهم، وترى مالا يخطر لك على بال، لكنك لاترى أبدا من يرضى بأن تنفى عنه الرجولة. ومع  اتفاق جميع الخلق على مكانة الرجولة إلا أن المسافة بين واقع الناس وبين الرجولة ليست مسافة قريبة، فالبون بين الواقع والدعوى شاسع، وواقع الناس يكذب ادعاءهم .

فالرجولة مضمون قبل أن تكون مظهرًا، فابحث عن الجوهر ودع عنك المظهر؛ فإن أكثر الناس تأسرهم المظاهر ويسحرهم بريقها، فمن يُجلّونه ويقدرونه ليس بالضرورة أهلا للإجلال والتوقير، ومن يحتقرونه ويزدرونه قد يكون من أولياء الله وعباده الصالحين، وقد ثبت عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما تقولون في هذا؟" قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: "ما تقولون في هذا؟" قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا خير من ملء الأرض مثل هذا". (رواه البخاري)، وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" (رواه مسلم).
وختاماً أقول: إياكم أن تكتفوا بالبحث عن الرجولة وأخلاق الرجال في المساجد وساحات الذكر ،وميادين العبادة ، بل ابحثوا عنها عند  تقاطع الحقوق ، وعند البيع والشراء ، وعند توزيع الميراث، وراقبوها في سفر وفي مجاورة منزل ومصاهرة زواج، وعند ترك المناصب ، وعند الخصومات ؛ فالخصومات تفضح  متصنعي الأخلاق ، ومدعي الحب والود، وتكشف معادن الناس .

تم نسخ الرابط