كثيرة تلك المحن التي مرت على الأمة، وكم من أعاصير اجتاحتها حتى ظن أعداؤها أنه قد حانت لحظة الخلاص منها، وتحقيق الانتصار عليها، فيسعون بدأب على تشتيت شملها، والاستيلاء على مقدراتها وخيراتها، واستعباد شعوبها واستذلالهم.
وفجأة ومن بين تلك المحن وهوجاء الأعاصير، يبزغ نجمُ عالم شجاع بطل هصور، يحمل هموم هذه الأمة على أكتافه، فيعلن فيها النفير، ويستحثها على التجمع والنهوض، ويزرع في أرضها القاحلة الجرداء أشجار الأمل التي سريعا ما تنمو وتكبر وتزهر وتعطى جناها الطيب أجيالا من خيرة الرجال يعيدون للأمة مجدها وتاريخها التليد ويردون عنها كيد الكائدين؛ ليسجل التاريخ في صفحاته الناصعة بأحرف من نور تلك العبارة الخالد التي تقول: ((بأن أمة محمد قد تضعف، وقد تستكين، ولكنها أبدا لم ولن تموت))
ومن هؤلاء الرجال الأفذاذ الصناديد، والعلماء الأشداء المخلصين، سلطان العلماء "العز بن عبد السلام" (ولد ٥٧٧ - ت٦٦٠) هجرية، فقد تعرضت الأمة الإسلامية في عصره لأشد خطر كان يتهدد وجودها، بعدما هجم التتري (هولاكو) بجيشه على( بغداد) عاصمة الخلافة، فقتل الخليفة والعلماء، وقضى على الخلافة الإسلامية قضاء مبرما لا قيامة بعده، كما حكم على تراث الأمة وحضارتها بالإعدام حينما جمع مؤلفات علمائها على مر التاريخ ليجعل منها جسرا في نهر دجلة لتعبر عليه خيوله، حتى تغير ماء النهر إلى سواد من مداد تلك المخطوطات الإسلامية، ولما أراد أن يتوجه إلى مصر وكان بها العز بن عبد السلام، وأعلن سلطانها الأمير قطز النفير تقدم (العز) الصفوف بعدما ما ملأ النفوس حماسة واستثارة وفي موقعة عين جالوت التي كانت فيها القيادة العسكرية لقطز والقيادة الدينية والمعنوية لسلطان العلماء تحقق النصر المبين، وارتدت جيوش التتار عن بلاد المسلمين ناكسي رؤوسهم مخذولين، يجللهم عار الهزيمة والانكسار.
وفي عصرنا هذا - بل في أيامنا تلك تتعرض أمتنا الإسلامية لحرب وجودية لا تقل خطورة وضراوة عن حرب التتار بل هي أشد وأنكى تقودها أكبر دولة في العالم بعدما جمعت حولها أتباعها من الدول الغربية المستكبرة، وجعلت من ربيبتها إسرائيل رأس الحربة في هذه المعركة الوجودية حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لإبادة جماعية لم يشهد لها التاريخ مثيلا على مرأى ومسمع من منظمات حقوق الإنسان، وحال الأمة في هذه الحرب حال من يستغيث من النار بالرمضاء وما ذاك إلا لتشتتهم وتفرقهم مع ما أعطاهم الله من قدرات وإمكانات تجعلهم يوقفون تلك الإبادة في لحظة من وقت، في ظل تلك الأجواء القاتمة المحبطة تدوي في سمع الأمة رسالات الاستنفار والاستنهاض لها في مواجهة هذا العدوان الهمجي من إمامنا وشيخنا أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذي لا يكل ولا يمل من التنبيه والتحذير مما يدبر للأمة من أعدائها، مطالبا بتجميع الكلمة، وتوحيد الصفوف، ولم الشمل، وتوجيه البوصلة، إلى اتجاهها الصحيح نحو عدوها، وكانت كلمته في الاحتفال بليلة القدر هذا العام - شأن كل كلماته في هذه المحنة التي تمر بها الأمة- لسان الحق والصدق و الشجاعة والإنصاف كلمة ذات قدر في لحظة قدر أثلجت صدر الأمة وخففت جراح المستضعفين وأسعدت أرواح الشهداء في أعلى عليين إلى يوم الدين.. فاللهم حفظا وتأييدا لإمام الإسلام و المسلمين.. اللهم نصرك الذي وعدت.
- الإمام الطيب
- عالم شجاع
- هصور
- حماس
- القيادة العسكرية
- انتصار
- أمة محمد
- العز بن عبد السلام
- الأمة الإسلامية
- هولاكو
- بغداد
- عاصمة الخلافة
- الخلافة الإسلامية
- تراث الأمة
- نهر دجلة
- المخطوطات الإسلامية
- الأمير قطز
- عين جالوت
- موقعة عين جالوت
- القيادة الدينية
- جيوش التتار
- عار الهزيمة
- الدول الغربية
- إسرائيل رأس الحربة
- الشعب الفلسطيني
- إبادة جماعية
- منظمات حقوق الإنسان
- العدوان الهمجي
- الطيب شيخ الأزهر
- أحمد الطيب
- إمام الإسلام