حيثيات البراءة في الخطف والاحتجاز بدون وجه حق
قدم المجني عليه روايات متضاربة حول تفاصيل الواقعة، وتراجع عن اتهامه أمام المحكمة، وأمام غياب الحقيقة الواضحة، انتهت المحكمة لبراءة المتهمين استنادا إلى القاعدة القانونية الراسخة “ الشك يفسر لصالح المتهم”
قضت محكمة جنايات مستأنف الجيزة، بقبول استئناف أحمد لؤي و أمير عبد الرحيم شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءة المتهمين من اتهامهما بخطف روماني سرجيوس بسبب خلافات مالية بينهم
قالت المحكمة في حيثيات حكمها برئاسة المستشار دكتور يحيى البنا وعضوية المستشارين أحمد دبوس و أحمد مجدي أبو العلا بحضور محمود جاد وكيل النيابة بأمانة سر محمد هاشم وايهاب شكري أن النيابة العامة اتهتهما لأنهما في 16 يوليو 2023 بدائرة قسم شرطة الهرم محافظة الجيزة، خطفوا المجنى عليه رومانى ألفى عزمى سرجيوس بأن عقدوا العزم على خطف المجنى عليه بعد أن أوعز لهما شيطانهما لذلك بسبب خلافات مالية فيما بينهم، وأعدوا لذلك الغرض مركبة نقل سريع لإختطافه كرها عنه وتوجهوا إلى المكان الذى أيقنا سلفا تواجده، وما أن ظفروا به حتى قاموا بإدخاله داخل مركبة النقل السريع المعدة لذلك كرها عنه وقاموا بإغماء عينيه،حتى إقتادوه إلى عقار قصى غير معمور بالسكان بقصد إبعاده عن ذويه، على النحو المبين بالاوراق.
**احتجزوا المجنى عليه رومانى ألفى عزمى سرجيوس بعد أن اتموا ما اقترفت يداهما من جرم محل الاتهام السابق دون أمر أحد الحكام المختصين وبدون وجه حق،بأن وضعوه داخل العقار ومنعه من مبارحته،وبلغوا من ذلك مقصديهما على النحو المبين بالتحقيقات.
حيثيات الحكم البراءة في الخطف
أوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن الدعوى تداولت بالجلسات أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضرها ومثل المجنى عليه وقرر أنه يعدل عن اقواله بتحقيقات النيابة العامة وأنه لايتهم أحد بارتكاب الواقعة.
وبجلسة 27/5/2024 حكمت محكمة أول درجة حضوريا بمعاقبة المتهمين أحمد لؤى سيد محمد مصطفى وامير عبد الرحيم محمود تمام بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنين عما اسند اليهما والزمتهما بالمصاريف الجنائية.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى المتهمين فطعنا عليه بالاستئناف بتقرير طعن فى قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 13/6/2024.
وحيث إنه لدى نظر الاستئناف أمام هذه المحكمة أحضر المتهمان من محبسيهما وبسؤالهما عن التهمة المسندة إليهما انكراها والدفاع الحاضر مع كل متهم طلب قبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بالبراءة تأسيسا على ما سبق أن أبدى أمام محكمة أول درجة من دفاع ودفوع.
وحيث إن الاستئناف اقيم فى الميعاد المقرر قانونا وقد حاز كافة أوضاعه الشكلية ومن ثم تقضى المحكمة بقبوله شكلا.
وحيث إنه عن موضوع الاستئناف ، فإنه لما كان من المقرر أن العبرة فى المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
وعلى ذلك فإنه يكفى فى المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة، إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكانت الأوراق تخلوا من ثمة دليل سوى أقوال المجنى عليه التى تضاربت فى تحديد صورة واحدة لكيفية حدوث الواقعة يمكن للمحكمة أن تطمئن إليها فى إسناد واقعتى الاختطاف والاحتجاز للمتهمين، فبينما قرر فى محضر الشرطة أن الذى قام بارتكاب واقعة الاختطاف هو شخص مجهول محرزا سلاح نارى مدعيا أنه ضابط قام بتهديده لاجباره على سداد ثمن شراء مصنع لحوم سبق أن اشتراه من المتهم الثانى أمير عبد الرحيم محمود ومن ثم قام ذلك المجهول وآخرين مجهولين بخطفه من منطقة هضبة الأهرام فى سيارة ميكروباص وأغموا عينيه بعد أن قام شخص مجهول بربطه بحبل وبلاستر ومن ثم اصطحبوه إلى مكان مجهول مبررا وتراخيه في الإبلاغ لأكثر من عشرة أيام بشعوره بالخوف من المدعو محمد الضابط ، إلا أنه بتحقيقات النيابة العامة عاد ليقرر أنه تقابل مع شخص يدعى محمد ادعى أنه ضابط أمن دولة وكان معه شخص آخر مجهول قاموا بتغمية عينيه وسارا به حوالى خمس دقائق وأعطوا مفتاح سيارته لشخص آخر – لم يتمكن من تحديد هويته- ثم اقتادوه إلى سيارة ميكروباص حيث قاموا بتكتيفه وضربه واصطحبوه إلى مكان مجهول ولم يخلوا سبيله الا بعد أن اتصل بزوجته بسادا فرحات مينا وريمون بهجت الفى اللذان احضرا مبلغ 700 ألف جنيه، فخلوا سبيله.
وهذه الرواية الأخيرة لم تتحقق النيابة العامة من صحتها ،وذلك باستدعاء كل من فسادا فرحات مينا وريمون بهجت الفى لسؤالهم بشأنها.
هذا فضلا عن أن المجنى عليه قد حضر بجلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة وقرر أنه يعدل عن أقواله الواردة بإبلاغ الشرطة محضر جمع الاستدلالات وأنه لا يتهم أحد بارتكاب الواقعة.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفى في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة.
وعلى ذلك، فإن هذه المحكمة - بعد أن احاطت بظروف الدعوى وألمت بها و الأدلة المقدمة فيها - تنتهى إلى عدم ثبوت التهمة فى حق المتهمين،ومن ثم تقضى بالبراءة .
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد استند إلى رواية لا أصل لها فى التحقيقات ،ومن ثم يكون معيبا لابتنائه على أساس فاسد ، الأمر الذى تقضى معه المحكمة –والحال كذلك- عملا بالمادة 304/1من قانون الإجراءات الجنائية القضاء فى موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهما .
فلهذه الأسباب
بعد الاطلاع على المواد سالفة الذكر.
حكمت المحكمة حضوريا:- بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءة المتهمين احمد لؤى سيد محمد مصطفى وأمير عبد الرحيم محمود تمام مما اسند اليهما من اتهام