ads
الخميس 05 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

كيد النسا.. من الإعدام إلى البراءة.. جنايات مستأنف القاهرة تودع الأسباب

محكمة جنايات مستأنف
محكمة جنايات مستأنف القاهرة برئاسة المستشار علي عرفان

ينفرد موقع خلف الحدث بنشر حيثيات الحكم الصادر من محكمة جنايات مستأنف القاهرة، ببراءة سائق ميكروباص من اتهامه بمواقعة ربة منزل بغير رضاها بأن أشهر في وجهها سلاح أبيض، وقام بتهديدها، وذلك على الحكم الصادر ضده بالإعدام شنقا.

قالت المحكمة في حيثيات حكمها برئاسة المستشار على عرفان وعضوية المستشارين جمال عبد العزيز أبو زيد و مصطفى سامي عبد الجواد بحضور خالد ناصر وكيل النيابة بأمانة سر رفاعي فهمي، أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بكري عيد بأنه واقع المجني عليها هدير بغير رضاها بأن أشهر في وجهها سلاح أبيض مهددا إياها بالإيذاء والضرب بالأيدي فتمكن بتلك الوسيلة من شل مقاومتها ومواقعتها جنسيا.

كما احرز سلاح أبيض كتر مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية.

وأحالته الى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. 

والمحكمة المذكورة قضت بجلسة ٢٠٢٤/٧/٢٩ حضورياً باجماع أراء أعضائها بمعاقبة / بكري عيد بالاعدام شنقاً وألزمته المصاريف الجنائية وإحالة الدعوى المدنية المختصة بلا مصاريف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بتاريخ ٢٠٢٤/٨/١٣ بطريق الاستئناف وبجلسة اليوم مثل الطاعن بشخصه ومعه الأساتذة المحاميون وسمعت المرافعة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة.

 (المحكمة)

 بعد سماع المرافعة الشفهية ومطالعة الأوراق والمداولة قانوناً: للطاعن؛ وحيث أن واقعات الدعوى المستأنف حكمها حاصلها أن النيابة العامة سبق وأن أسندت  للطاعن بكري عيد أنه بتاريخ 21 يناير 2024  بدائرة قسم شرطة منشأة ناصر - بمحافظة القاهرة واقع المجني عليها هدير - بغير رضاها أن أشهر في وجهها سلاح أبيض . تالي الوصف - مهدداً اياها بالايذاء والضرب بالأيدي فتمكن بتلك الوسيلة القسرية من شل مقاومتها ومواقعتها جنسياً على النحو المبين بالتحقيقات. 

**أحرز سلاح أبيض (كتر) مما يستخدم في الاعتداء على الاشخاص بغير مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية. وطلبت عقابه طبقاً بالمادة ١/٢٦٧ من قانون العقوبات والمادتين ١/١ ،٢٥ مكرراً / ١ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ في شأن الاسلحة والذخائر المعدل والبند رقم (۷) من الجدول رقم (۱) المرافق. وركنت في إثبات الاتهام الطاعن الى ما شهدا به كلاً من هدير رمضان والنقيب أحمد وسام معاون مباحث قسم شرطة منشأة ناصر، بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت بتقريري الطب الشرعي والإدارة المركزية للمعامل الطبية بقطاع الطب الشرعي وما ثبت بمعاينة النيابة العامة.

أقوال المجني عليها

فشهدت هدير -المجني عليها- بتحقيقات النيابة العامة أنها تقيم وابنتيها في غرفة بالطابق الارضي للعقار ولها نجل يقيم رفقة زوجها الذي يعمل حارس بالعقار محل عمله ناحية نادي السكة الحديد ولا يقيم أياً منهما معها في تلك الغرف مشيرة إلى أنها في مطلع شهر يناير من العام الجاري أبصرت الطاعن بكري عيد يقف بمدخل حوش العقار محل سكنها الكائن فيه حجرتها فأرتابت فيه ظناً منها أنه يرغب في سرقة أي من الأغراض المتواجدة بالمكان فهاتفت جارة لها حضرت للطاعن ونهرته بينما حررت هي له محضراً بعدم التعرض لها، واستطردت موضحة أنها كانت تبيت بمفردها في تلك الغرفة الليلة السابقة على تاريخ الواقعة بعد أن تركت ابنتيها لأمها لانتوائها التوجه مبكراً لتنظيف أحد البيوت التي تخدم بها، إلا أنها فوجئت الساعة السادسة صباح يوم ۲۰۲٤/۱/۲۱ اقتحام الطاعن غرفتها بعد أن حطم رزة الباب وانقض عليها مهدداً اياها - على اثر استغاثتها - بالإيذاء من خلال شفرة كانت بيده اليمنى واندفع ممزقاً جلباب نومها القطيفة بيديه ومن بعد خلع بنطالها وسروالها الداخلي واخرج قضيبه أمراً إياها لعقه بعد أن أمسكها من شعرها وأمام رفضها طرحها على ظهرها ومن بعد باعد بين فخذيها واعتلاها مولجاً قضيبه فرجها وعاشرها لنحو خمس دقائق حتى قذف فيها مائه، وفي تلك الأثناء أفضى لها انه كان يراقبها منذ نحو الشهر ثم عادت وقررت أنه قرر لها أنه راقبها منذ ثلاث أيام قبل الواقعة ليعرف مواعيد تواجدها وأن فعله فيها انتقاماً منها لسبق تحريرها له محضراً بعدم التعرض وأضافت انه بعدما قضى وطره منها التقط لها صوراً وهي عارية مستخدماً في ذلك هاتفها ليحط منها وبها يبتزها ومن بعد غادر غرفتها ومعه هاتفها. واستطردت رداً عما اذا بدر عنها مقاومة أو مارس الطاعن قبلها عنفاً لتشير انه تعدى عليها بالضرب بكلتا يداه على وجهها وكتفيها كما ضرب برأسه رأسها بينما اخذت تبادله التعدي وتدفعه بساقيها. 

واختتمت شهادتها مشيرة الى ان الواقعة استغرقت نحو النصف ساعة وعقب مغادرة الطاعن استخدمت قميصاً "تي شيرت" لديها - أرشدت عنه - مسحت به فرجها لازالة آثار مائه - منيه ـ عنها ، كما قدمت للفحص سروالها الداخلي الذي ارتدته عقب الواقعة مقررة أنها توجهت في اعقاب انصرافه مباشرة لقسم الشرطة وابلغت عن الواقعة. **وشهد النقيب أحمد وسام معاون مباحث قسم شرطة منشأة ناصر ان التحريات التي أجراها بناءً على قرار النيابة العامة دلت على أن الطاعن جار للمبلغة وارتكابه للجرم على النحو الذي أبلغت به هدير مشيراً الى أن تحرياته لم تتوصل لوجود خلافات سابقة بين الطاعن والمبلغة.

** أورى تقرير قطاع الطب الشرعي انه بفحص هدير بتاريخ ٢٠٢٤/١/٢٢ وتوقيع الكشف الشرعي عليها تبين أنها بصحة عامة جيدة وبفحص مواضع إصاباتها تبين وجود سحج قوسي الشكل مغطى بقشرة مصلية بأبعاد حوالي ٢ مم ٣ مم بخلفية يسار العنق ذات طبيعة احتكاكية حدثت من الاحتكاك بجسم صلب خشن السطح وهي على غرار الاصابات التي تنتج من أظافر اليد وباستكمال الفحص تبين خلو أنسية الفخذين من أي آثار اصابية وكذا أنسية الاليتين وثبت من الفحص أن غشاء بكارة المذكورة عبارة عن زوائد أسية بما يشير لكونها ثيب منذ قدم مما يسهل اتيانها في فرجها دون ترك اثر اصابي.

** أورى تقرير الادارة المركزية للمعامل الطبية بقطاع الطب الشرعي انه بمقارنة نتائج أبحاث إظهار البصمة الوراثية للحمض النووي المستخلص من التلوثات المنوية المعثور عليها بالسروال والتي شيرت الخاصين بالمبلغة هدير رمضان رفاعي رمضان ثبت انها لبصمة وراثية تطابقت مع البصمة الوراثية المأخوذة من عينة دم الطاعن بكري عيد كما ان البصمة الوراثية للحمض النووي المستخلص من التلوثات المعثور عليها بالمسحة المهبلية لهدير هي خليط من البصمة الوراثية للحمض النووي المستخلصة من عينة دماء كلا من الطاعن بكري عيد والمبلغة هدير. 

**ثبت من معاينة النيابة العامة للحجرة محل الواقعة انها تقع بعقار منطقة الشهبة الدويقة الملاصق، والعقار محل الواقعة مكون من طابق أرضي عبارة عن ردهة به عدد ثمان حجرات ودورة مياه بستارة من القماش والحجرات مفتوحة عدا ثلاثة منها كل منها مغلقة برزة وقفل وتقع حجرة المبلغة في مواجهة الردهة وظهر وجود كسر بالرزة الخاصة ببابها وبالدلوف لداخلها تبين ان مساحاتها بنحو 1.5 x 2 متر محتوياتها مبعثرة وتقع مرتبة شديدة الاتساخ على أرضها وقدمت المبلغة خلال ذلك قميصاً "تي شيرت" أخضر قررت أنها مسحت فرجها به عقب الواقعة. 

استجواب بكري عيد

وحيث أنه باستجواب المتهم بكري عيد بتحقيقات النيابة العامة أنكر ما نسب إليه من اتهام وأوضح أنه تعرف على المبلغة منذ شهر ونصف سابق على تاريخ الواقعة محل البلاغ خلاله تطورت علاقته بها واختلى بها في حجرتها وأفضى لها برغبته في مواقعتها إلا أنها تعللت له بالتهاب أصاب فرجها يحول دون ذلك ودأبا على اتيانهما الفاحشة بقذف يصيب جسدها من الخارج دون إيلاج فيها. 

واستطرد مقرراً أنه بتاريخ الواقعة كان برفقتها في غرفتها ومارسا معاً الفاحشة برضاء منها وبذات الكيفية المتقدم بيانها. 

وحيث أنه بالاطلاع على محضر الشرطة المؤرخ ۲۰۲/۱/۲۱ تبين انه معد بمعرفة النقيب أحمد وسام معاون مباحث قسم شرطة منشأة ناصر وتضمن بلاغ هدير ضد الطاعن باتيانها كرهاً عنها وخلال بلاغها حددت اسمه الثلاثي وانه مقيم بمساكن سوزان بالدويقة وانتهت لنفيها وجود ثمة خلافات سابقة بينها والمذكور.

 وبالاطلاع على مناظرة النيابة العامة للمتهم قبل استجوابها اياه بتاريخ ٢٠٢٤/١/٢١ فلم يبن به ثمة اصابات حديثة تفيد التحقيق وبجلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة مثل المتهم واعتصم بالإنكار والدفاع الحاضر معه شرح ظروف الدعوى وملابساتها والتمس البراءة تأسيساً على عدة دفوع حاصلها انتفاء اركان الجريمة وعدم معقولية تصور الواقعة.

 والمحكمة المذكورة قضت بجلسة ٢٠٢٤/٧/٢٩ حضورياً باجماع أراء أعضائها بمعاقبة بكري عيد بالاعدام شنقاً وألزمته المصاريف الجنائية وإحالة الدعوى المدنية المختصة بلا مصاريف. 

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بتاريخ ٢٠٢٤/٧/٣٠ بطريق الاستئناف. 

وبجلسة المحاكمة مثل المستأنف، والدفاع الحاضر معه شرح ظروف الدعوى وتمسك بدفوعه السابق إبداؤها أمام محكمة أول درجة، واختتم بطلب الغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المستأنف شكلاً.

جنايات مستأنف القاهرة: الاستئناف أقيم صحيحا في الميعاد القانوني 

أوضحت محكمة جنايات مستأنف القاهرة برئاسة المستشار علي عرفان أنه ومن حيث إن الاستئناف أقيم صحيحاً في الميعاد القانوني عن حكم قابل له فهو مقبول وحيث أنه عن موضوع الاستئناف فلما كان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت إذ أن الأمر مرجعه إلى ما تطمئن إليه ما دام أنها قد أحاطت بالدعوى، ذلك أن المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أن يتضمن الحكم بالبراءة أموراً أو بيانات معينة أسوة بحكم الإدانة، بل يكفي أن يكون الحكم قد استعرض أدلة الدعوى عن بصر وبصيرة فلم يجد فيها ما يؤدي إلى إدانة المتهم. 

أكدت محكمة جنايات مستأنف القاهرة برئاسة المستشار علي عرفان إن المحكمة بعد أن محصت الدعوى، وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها - وازنت بينها وبين أدلة النفي، وداخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات فإنها ترجح دفاع الطاعن وترى أن للواقعة صورة أخرى غير تلك التي قالت بها المبلغة، ذلك أن البين من أقوال الطاعن انه أقر في معرض انكاره بأنه كان يتردد على المبلغة في حجرتها بعد ان ارتبطا بعلاقة كان يمارسا خلالها الفحشاء بقذف يصيب جسدها من الخارج دون ايلاج فيها. 

ولما كان ذلك، وكانت المبلغة قد أوردت بأقوالها انها مسحت فرجها من ماء الطاعن بقميص قدمته خلال المعاينة ومن قبل قدمت سروالها أثناء التحقيقات حتى يجري فحصهما.

 لما كان ذلك وكان الثابت بتقرير الادارة المركزية للمعامل الطبية بقطاع الطب الشرعي انه من مقارنة نتائج أبحاث إظهار البصمة الوراثية للحمض النووي المستخلص من التلوثات المنوية المعثور عليها بالسروال والتيشيرت الخاصين بالمبلغة هدير ثبت أنها لبصمة وراثية تطابقت مع البصمة الوراثية المأخوذة من عينة دم الطاعن كما أن البصمة الوراثية للحمض النووي المستخلص من التلوثات المعثور عليها بالمسحة المهبلية للمبلغة هي خليط من البصمة الوراثية للحمض النووي المستخلصة من عينة دماء كلا من الطاعن والمبلغة.

تقرير الطب الشرعي

 لما كان ما تقدم ولئن اتسقت نتائج تقرير الطب الشرعي مع رواية المبلغة في شأن وقوع الايلاج الا ان ذلك لا يقطع بحدوثه على نحو ما قررته وبمعنى آخر فهو يقطع فقط بدخول ماء الطاعن فرجها وسواء تم هذا بايلاج أو بغيره بحسبان أن دخول ماء الطاعن في فرج المبلغة متصور الحدوث دون ايلاج وذلك اما بفعلها - كيداً منها - أو فعل غيرها ولذلك تصور حمل البكر - وسن له أحكاماً فقهية - أما الاتيان كرهاً فشأن آخر إذ البين من الأوراق أن المبلغة صكت عبارات اتهامها الطاعن بلسان كيد لا صدق فيه، آية ذلك ما كشفت عنه الاوراق من تناقضات عدة حملتها رواية المبلغة في ذاتها ومع معاينة النيابة العامة وتقرير الطب الشرعي بحيث أضحى جماع الدليل القولي لا يلتئم مع الدليل الفني في الأوراق بصورة ترجح في مالها رواية الطاعن. لما كان ذلك وكان البين أن المبلغة قد أشارت في روايتها إلى أن الطاعن في سبيل اقتحامه حجرتها عليها لمواقعتها كرهاً عنها حطم رزة باب تلك الحجرة، ولما كان الثابت من معاينة النيابة العامة لحجرة المبلغة قبل الدلوف لها وجود كسر بالرزة الخاصة ببابها من الخارج، وكان المعلوم للكافة على نحو ما هو متعارف عليه أن "الرزة" يوصد بها الابواب من الخارج في غياب أصحابها لا من الداخل في وجودهم وعلى ذات النحو الذي أثبتته النيابة بشأن الحجرات المجاورة لحجرة المبلغة من أن أبواب بعضها موصد كل منها من الخارج برزة وقفل ، لما كان ما تقدم فإن التصور الذي ساقته المبلغة في روايتها بأن الطاعن حطم رزة الباب واقتحم حجرتها عليها لمواقعتها كرهاً عنها تفضي إلى نتيجة غير متصورة وهي أن المبلغة كانت داخل حجرتها مغلقاً عليها بابها بالرزة المثبتة عليه من الخارج وهو ما لا يستقيم عقلاً ويتعارض مع طبيعة الأشياء.

 لما كان ذلك وكان البين أن المبلغة قد أشارت في روايتها أمام النيابة العامة إلى أن مرد ارتكاب الطاعن فعلته فيها سبق تحريرها له محضراً بعدم التعرض لها، واستطردت موضحة ملابسات قيام ذلك الباعث مقررة بأنها في مطلع شهر يناير من العام الجاري أبصرت الطاعن يقف بمدخل حوش الطابق الأرضي للعقار محل سكنها الكائن فيه حجرتها فارتابت فيه ظناً منها أنه يرغب في سرقة أي من الأغراض المتواجدة بالمكان فهاتفت جارة لها حضرت للطاعن ونهرته بينما حررت هي محضراً له بعدم التعرض لها، ومن بعد أكدت - في أكثر من موضع بأقوالها أن الطاعن أفضى لها حال وطئه اياها أن ذلك جاء انتقاماً منها على تحريرها ذلك المحضر له.

"الخلافات السابقة"

 ولما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على أقوال المبلغة بمحضر الشرطة المؤرخ ٢٠٢٤/١/٢١ ضد الطاعن بشأن اتيانها كرهاً عنها أنها حددت خلال بلاغها إسمه الثلاثي ومحل اقامته وانتهت لنفيها وجود ثمة خلافات سابقة بينها والمذكور، لما كان ذلك، وكان الثابت أن سماع النيابة العامة لأقوال المبلغة جاء معاصراً لابلاغها بمحضر الشرطة في ذات التاريخ، وفي الاخير نفت صراحة وجود ثمة خلاف بينها والطاعن الذي ميزته ولم تورد لمجري التحريات الذي هو ذاته متلقي بلاغها أي ذكر عن سبق تحريرها للطاعن محضراً بعدم التعرض ثم عادت بعد عدة ساعات في ذات التاريخ أمام النيابة العامة لتشير لوجود خلافات سابقة حرر محضراً عنها.

"التناقض في أقوال المجني عليها"

 نكلت عن الارشاد عنه - وأن الطاعن أفضى لها صراحة أن فعلته بها - على حد زعمها - انتقاماً منها لسبق تحريرها ذاك المحضر ضده، الأمر الذي يكشف عن معرفة سابقة للمبلغة بالطاعن ومن طرف خفي لها يساق كيداً لا ينبئ عنه الا التناقض البين في رواية المبلغة على نحو ما تقدم وهو تناقض عصي على المواءمة إذ لا يبرره فاصل زمني طويل أو عبارة معماة من المبلغة بل هي التي استفاضت أمام النيابة العامة في وصف الخلاف ومن قبل قطعت بعدم وجوده أمام مجري التحريات. 

ولما كان ذلك وكان البين أن المبلغة قد أشارت في روايتها الى ان الطاعن بعدما كشف لها أن وطئه إياها كرهاً جاء انتقاماً منها عقب ان حررت ضده محضراً بعدم التعرض - على حد زعمها - أفضى لها انه كان يراقبها منذ نحو الشهر لينفذ فيها مخططه ثم عادت وقررت أن الطاعن أفضى لها أنه كان يراقبها منذ أيام ثلاثة قبل الواقعة ليعرف مواعيد تواجدها ولاشك أن القولين بينهما بون شاسع ليس فقط في المقدار بل فيما يفضي إليه كلاً منهما من نتائج فالقول بـ ـ ثلاثة أيام يفضي إلى نتيجة لا يسعها المنطق ويرفضها العقل مفادها أن باعث الانتقام نبت بنفس الطاعن قبل الواقعة بثلاث أيام رغما عن أن مرده سابق عن الواقعة بنحو الشهر-على حد زعمها - بينما القول بـ - شهر - بفرض قبول صحته فيكشف عن جاني انتوى اغتصاب ضحيته انتقاماً منها وأياً كان الباعث فظل شهراً يخطط للأمر وخلاله كان يكبت مشاعر الغضب التي تحرك باعثه وعندما ينفذ جريمته لا يُشاهد بجسد ضحيته ثمة إصابة تماثل أو تقارب رغبة في الانتقام مكبوتة لنحو الشهر فلا قطع أو جرح ولا كدمات اللهم فقط سحج قوسي الشكل مغطى بقشرة مصلية بخلفية يسار العنق قيس أبعاده بالمليمترات هذا الذي رُصد بتقرير الطب الشرعي يحدث في المعاشرة الاعتيادية بين الازواج لا في أحوال الاغتصاب انتقاماً على نحو ما صورت المبلغة. 

"عدم وجود جروح أو خدوش بالمجني عليها والجاني"

ولان التصوير مصطنع والكيد يهدر من بين أسطر عبارتها فتجئ المبلغة لتقطع به فتقرر أمام النيابة العامة أن الطاعن تعدى عليها بالضرب وأنها قاومت فعله مشيرة إلى أنه تعدى عليها بالضرب بكلتا يداه على وجهها وكتفيها كما ضرب برأسه رأسها بينما أخذت تبادله التعدي وتدفعه بساقيها وكان هذا الذي وصفته المبلغة يتعين معه أن يُشاهد له أثراً بها أو بالطاعن أو بكلاهما إلا أن مناظرة النيابة العامة للطاعن في مفتتح التحقيقات التي جرت بذات تاريخ اعتدائه المزعوم لم ترصد به أي اصابة حديثة تتفق وقول المبلغة كما لم يرصد تقرير الطب الشرعي الذي وقع كشفه على الطاعنة في اليوم التالي للواقعة أي أثر الإصابة تتفق مع ما أوردته سواء نتيجة التعدي بالضرب أو الاعتداء الجنسي - إلا ما سبق الاشارة له - وكلاهما زعماً منها لم يجد في الأوراق ما یسانده.

عدم تصور امساكه الشفرة وشق ملابسها بيد واحدة

 ولما كان ذلك وكان البين أن المبلغة قد أشارت في روايتها الى أن الطاعن قام بتهديدها باستخدام شفرة قررت انه كان ممسكاً بها في يمناه بعدما اقتحم عليها حجرتها ثم انطلقت مشيرة انه كان يضربها بكلتا يداه ومن بعد شق جلبابها بيديه وخلع عنها باقي ثيابها القطعة تلو الاخرى حتى اضحت عارية وهو أمر عصي على القبول اذ لا يتصور قبض الطاعن على شفرة بأنامل يده وبذات اليد يلطم وجه المبلغة ولا يتصور شق جلبابها بكلتا يديه واحدها تقبض على السلاح الابيض المشار اليه الا اذ تخلى عنه بعدما لم يجد له جدوى منه في ردع المبلغة لصدها اياه ومقاومتها فعله وهو ما انتفى أي أثر له بالاوراق على نحو ما تقدم. 

والحقيقة ان المحكمة عندما طالعت التصوير الذي ساقته المبلغة بشأن كيفية نزع الطاعن ملابسها واعتلائه اياها على نحو ما اشارت وقلبت ذلك التصوير على كافة الأوجه فلم تبلغ إلى نتيجة الا واحدة هي أن أفعال الاغتصاب التي نظمتها المبلغة على هذا النحو لا يمكن قبولها في ظل خلو كلاهما من إصابات دالة عنها إلا اذ وقع ذلك الاعتداء الجنسي المزعوم من بالغ على طفل في سنوات عمره الأولى لا يدرك ما يفعل به ولم يشتد عوده بعد وليس على شابة فتية في العقد الثالث من عمرها تحترف عملاً أساسه المجهود البدني ومن بعد إدراكها إدراك من وضع حملها لثلاث. 

المحكمة: لا يتخيل استكانتها واستسلامها بجسدها دون مقاومة عنيفة 

ورداً على ما قد يثار من أن الظروف التي ساقتها ملابسات الواقعة - وفقاً لزعم المبلغة من مباغتة الطاعن للمبلغة حال كونها بمفردها بوقت مبكر مع حمله لسلاح أبيض وتهديده إياها به هو ما أفضى لذلك فنقول أن مثل المبلغة التي ساقت أيضا في مطلع روايتها أن مجرد إبصارها الطاعن يقف بحوش العقار الذي تقطن فيها حدا بها للاستعانة بجارتها في نهره ومن بعد التوجه للشرطة وتحرير محضراً بعدم التعرض ليست هي التي من الممكن أن تستكين وترضخ لما سيق من أفعال دونما أن تشن بجسدها مقاومة عنيفة تتفق وصاحبة ذلك المسلك.

المحكمة: خلو ساقيها من أي أثر لمقاومة.. لا يتصور عقلا 

وردا أيضا على ما قد يحتج به من أن تقرير الطب الشرعي أشار إلى كون المبلغة ثيب من قدم بما يسهل اتيانها في فرجها دون ترك أثر إصابي وبما يتفق مع خلوها من الاصابات، بيد أن هذا القول بدوره فاسد استدلاله، ذلك أن عبارة (دون ترك أثر اصابي) الواردة بتقرير الطب الشرعي، على النحو المار بيانه وإن صحت إلا أن أثرها لا يجاوز فرج المبلغة اذ لا ينجم عن أتيان فرج ثيب من قدم - بعدما أضحى غشاء بكارتها على نحو ما وصف بالتقرير عبارة عن زوائد أسية - حدوث أثر اصابي به على هيئة كدمة أو ما هو نحو ذلك أما الاصابات التي يتعين أن تشاهد في مثلها ممن وقع عليها اعتداء جنسي تخللها مقاومة وتعدي - وفق تصويرها - فيكون على هيئة أثار اصابية كالكدمات أو السحجات بجسد المجني عليها وبخاصة بمنطقة الفخذين والساقين أو كلاهما ناتجة عن مقاومة الانثى الكاشفة عن إكراه الذكر لها، أما خلو ساقيها وتحديداً أنسية الفخذين من أي أثر لأي مقاومة لأنثى بالغة بصحة جيدة في العقد الثالث من العمر تمتهن عمل يكسبها قدرة بدنية أكثر من مثيلاتها فهو أمر لا يتصور عقلاً إلا اذا جرى برضاء صريح لا إكراه فيه منذ بدايته وحتى انتهائه.

المحكمة: تحريات الشرطة لا تصلح بمفردها كدليل إسناد 

 ولا يتبقى في الأوراق من بعد سوى تحريات الشرطة وشهادة مجريها والتي لا تصلح بمفردها کدليل إسناد يعول عليه وكانت المحكمة لا تطمئن لجدية تلك التحريات في الأساس ولا لشهادة مجريها وترى أنه استقاها من أقوال المبلغة حال كونه هو ذاته متلقي بلاغها يؤيد ذلك أن المبلغة نفت في بلاغها لديه وجود خلافات سابقة بينها والطاعن ولم تشر له بما زعمت به بتحقيقات النيابة العامة من سبق تحريرها محضراً له لتجئ تحريات الشرطة وفق هذا النهج الذي رسمته لها المبلغة من قبل الأمر الذي تلتفت عنها المحكمة ولا تعول عليها المحكمة في عقيدتها.

وإذ كان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر وقضى بإدانة المستأنف اعتماد منه للتصوير الذي قدمته المبلغة، وهي الصورة التي اطرحتها هذه المحكمة على نحو ما تقدم مما يتعين معه والحال كذلك إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المستأنف مما أسند اليه من اتهام.

تم نسخ الرابط