ads
الأربعاء 08 يناير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

يُعد الذكاء الاصطناعى (AI) أحد أهم الابتكارات التقنية فى العصر الحديث، حيث يمتلك إمكانيات هائلة فى تعزيز  استدامة الموارد، حماية البيئة، وتحسين جودة الحياة. وفى ظل تصاعد التحديات البيئية والاجتماعية، أصبح دمج الذكاء الاصطناعى مع خطط التنمية المستدامة ضرورة مُلحّة.
لذلك سنتطرق الآن إلى معرفة ما هو الذكاء الاصطناعى وما هى علاقته بالتنمية المستدامة؟
الذكاء الاصطناعى هو فرع من علوم الكمبيوتر، يهدف إلى خلق أنظمة قادرة على مُحاكاة الذكاء البشري، مثل التفكير، التعلم، واتخاذ القرارات. حيث يمكن لهذه الأنظمة أن تتعلم من التجارب السابقة، تتفاعل مع البيئة المحيطة بها، وتحل المشاكل بشكل مستقل. 

ببساطة، هو جعل الأجهزة والبرمجيات تفكر وتتصرف بطريقة تشبه الإنسان، مثل المساعدات الذكية التى تستخدمها فى الهواتف أو الأنظمة التى تتعرف على الصور والأصوات. 
ولكن السؤال هنا هل سيقودنا الذكاء الاصطناعى إلى التحول نحو الأخضر؟
وللإجابة عن هذا السؤال سنكون بصدد معرفة العلاقة بين الذكاء الاصطناعى والتنمية المستدامة، حيث تعتمد على التوازن بين ثلاثة محاور رئيسية: الاقتصاد، البيئة، والمجتمع، يمكن للذكاء الاصطناعى أن يُساهم في تحقيق هذا التوازن من خلال:
1- تحليل البيانات الضخمة:
حيث يمكن لـ AI معالجة كميات هائلة من البيانات البيئية والإجتماعية بسرعة وفعالية لتقديم رؤى تساعد فى اتخاذ القرارات المستدامة المُقننة. 
2- الكفاءة العالية: تحسين العمليات الإنتاجية واللوجستية لتقليل الهدر وتوفير الطاقة.
3- تعزيز الابتكار: ابتكار تقنيات جديدة تدعم الطاقة النظيفة، الزراعة المستدامة، والإدارة الذكية للموارد.


أمثلة عملية لاستخدام الذكاء الاصطناعى لتحقيق التنمية المستدامة:


فى البيئة:- 
1- إدارة التغير المناخي: إن تقنيات الذكاء الاصطناعي تُستخدم للكشف عن التغيرات المناخية وتطوير استراتيجيات للتعامل معها.
مثال: استخدام الذكاء الاصطناعي فى مراقبة ذوبان الجليد أو انتشار الحرائق.
2- الحفاظ على التنوع البيولوجي:
تطبيقات AI تُستخدم لمراقبة الحياة البرية واكتشاف الأنواع المهددة بالانقراض.
3- إدارة النفايات: أنظمة ذكية لفرز النفايات وإعادة التدوير بكفاءة واحترافية.
فى الاقتصاد: 
1- الاقتصاد الدائري: استخدام تقنيات AI لتصميم منتجات قابلة لإعادة التدوير وتقليل الهدر.
2- الصناعات الذكية: تحسين الإنتاج باستخدام الروبوتات الذكية، ما يقلل من استهلاك الموارد والطاقة.
3- التمويل المستدام: أنظمة ذكاء اصطناعى تساعد فى تحديد المشاريع الصديقة للبيئة للإستثمار فيها.
فى المجتمع: 
1- التعليم: تصميم مناهج مخصصة لكل طالب باستخدام الذكاء الاصطناعى لإضفاء طابع فردي لجودة وشمولية التعليم.
2- الصحة: تشخيص الأمراض النادرة باستخدام خوارزميات التعلم العميق.
3- التوظيف: تحليل البيانات لخلق فرص عمل جديدة وربط الأفراد بالوظائف المناسبة.
وبعد أن تناولنا العلاقة بينهما فسوف نلقي الضوء على دور الذكاء الاصطناعى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs):- والجدير بالذكر أن منظمة الأمم المتحدة حددت 17 هدفًا للتنمية المستدامة بحلول عام 2030، مثل القضاء على الفقر، تحقيق المساواة، وحماية البيئة، وكان ذلك تزامنًا مع اجتماع المكتب التنفيذي للمجلس الوطني للتغيرات المناخية لمناقشة مخرجات تقرير الشفافية الأول لمصر (1BTR)، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع تحقيق هذه الأهداف لمواكبة العصر التكنولوجي. 

وأخيرًا وليس أخرًا، التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي فى تحقيق التنمية المستدامة، بالطبع، الذكاء الاصطناعى مثل أي تقنية حديثة يحمل على عاتقه مميزات وعيوب، وبالرغم من أهميته الكبري، إلا أن هناك إيجابيات وسلبيات تحتاج إلى إدارة واعية لضمان تحقيق التوازن بين الفوائد والمخاطر.


مميزات الذكاء الاصطناعي:


1- الكفاءة، الإنتاجية والابتكار: يستطيع AI تحليل البيانات بسرعة ودقة أعلى من البشر، مما يوفر الوقت والجهد. وأيضًا تحفيز الاختراعات فى مجالات جديدة مثل الطب الدقيق، الطاقة النظيفة، والروبوتات الذكية.
2- الحفاظ على الموارد: إن تطبيقاته تسهم فى تقديم خدمات أفضل مثل الرعاية الصحية والتعليم المخصص ، تحسين استهلاك الطاقة والمياه وتقليل الهدر فى العمليات الصناعية والزراعية.
3-  إدارة الكوارث: القدرة على التنبؤ بالكوارث الطبيعية وتقليل آثارها باستخدام التحليلات المتقدمة.


عيوب الذكاء الاصطناعي:


1- التأثير على سوق العمل: إيجابيًا؛ 
حيث يُوفر فرص عمل جديدة فى تطوير وصيانة أنظمة AI، سلبيًا؛ يؤدي إلى استبدال العمالة البشرية بالآلات فى بعض الوظائف، مما قد يسبب بطالة فى القطاعات التقليدية.
2-  الفجوة التقنية: التقنيات الحديثة غالبًا ما تكون مُكلفة وغير مُتاحة بشكل متساوٍ فى جميع الدول، مما يُعمق الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية.
3- الاستهلاك العالي للطاقة:
تدريب أنظمته يتطلب كميات هائلة من الطاقة، مما يُساهم فى زيادة الانبعاثات الكربونية.
4- مشكلات الخصوصية والأمان: جمع وتحليل بيانات شخصية بشكل مُفرط، مما يُهدد خصوصية الأفراد، في حالة الاختراق، يمكن إساءة استخدام هذه البيانات.
5-  الأخلاقيات: هناك تساؤلات حول كيفية استخدامه فى الحروب، أو التلاعب بالمعلومات، أو انتهاك حقوق الإنسان.
6- فقدان السيطرة:
الأنظمة المتقدمة بكافأة عالية قد تصبح مُعقدة لدرجة يصعب التحكم بها، مما يثير قلقًا بشأن تأثيرها طويل الأمد.


وبما أننا ناقشنا التحديات الإيجابية والسلبية يمكننا الوقوف علي كيفية تحقيق التوازن لمُسايرة هذه التحديات وذلك من خلال :- 
1- التشريعات: وضع قوانين وسياسات تضمن الاستخدام العادل للذكاء الاصطناعى.
2- التدريب والتأهيل: تأهيل القوى العاملة لمواجهة التحولات فى سوق العمل.
3- الاستدامة: تطوير أنظمة مُوفرة للطاقة وصديقة للبيئة.
4- الشفافية: ضمان أن تكون تقنياته مفهومة وخاضعة للمساءلة.


مُستقبل الذكاء الاصطناعي والتنمية المستدامة فى الوقت القادم 2025-2030 بين الواقع والمأمول:


1- توسع المدن الذكية:إن المدن تعتمد بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي فى إدارة المرور، الطاقة، والنفايات.
2- تعزيز الطاقة النظيفة: تطوير حلول AI لدعم مشروعات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
3- تقنيات AI أكثر كفاءة:
تحسين الخوارزميات لتقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات.
4- إنترنت الأشياء (IoT) : يشير إلى شبكة من الأجهزة الذكية التى تتواصل مع بعضها البعض عبر الإنترنت، هذا يتيح للأنظمة مراقبة وتحليل البيانات بشكل لحظي واتخاذ قرارات مُستنيرة.
بات من الضروري التعاون بين الحكومات والشركات الدولية لتطوير تقنيات AI لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية.

 فالذكاء الاصطناعي بُوصلة نحو غدٍ مستدام، وفى عالم يعجُ بالتحديات، يبقي الذكاء الاصطناعى ضوءًا يضيء طريق البشرية نحو مستقبلٍ أفضلٍ وأكثر استدامةٍ للأجيال القادمة، المفتاح يكمن فى استخدامه بحكمة سواء علي المدي القريب أو البعيد لضمان تحقيق أقصى استفادة منه مع تقليل الآثار السلبية الناتجة عنه.

تم نسخ الرابط