ads
الثلاثاء 04 فبراير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

حين يصبح الدم لغة للانتقام.. جريمة هزت عرب الصف

محكمة جنايات الجيزة
محكمة جنايات الجيزة

في لحظة غضب، قد يتحول الخلاف إلى مأساة، وقد تمتد يد الإنسان على أقرب الناس إليه، فتسلبه حياته بدم بارد، وكأن الدماء وحدها قادرة على إنهاء النزاع. في قرية عرب الحصار بمركز الصف، لم يكن الخلاف بين شقيقين مجرد نزاع عابر، بل تطور إلى جريمة قتل مروعة، تجرد فيها القاتل من كل وازع إنساني.

رمضان حسن أحمد، لم يكتفِ بالخلاف مع شقيقه محمد حسن أحمد، بل عقد العزم على إنهاء حياته، فاستدرجه إلى المصيدة، وسدد له ضربة قاتلة جعلته يسقط مضرجًا في دمائه، في مشهد مأساوي صادم. جريمة اهتزت لها القرية، ودفعت القضاء لإصدار حكمه العادل بالإعدام شنقًا، بعد أن كشفت التحقيقات كافة خيوط الجريمة، وأكدت الأدلة والبراهين إدانة القاتل.

هكذا، انتهت حياة شاب بيد شقيقه، ودفع ثمن خلاف لم يكن ليستحق أن يُحل بالدماء، ليبقى السؤال: متى يدرك البعض أن العنف ليس حلًا، وأن لحظة تهور قد تجر صاحبها إلى مصير مظلم لا مفر له؟

عاقبت محكمة جنايات الجيزة باجماع الآراء  رمضان حسن احمد ٣٦ سنة عاطل مقيم بقرية عرب الحصار الصف، بالإعدام شنقا لقيامه بانهاء حياة شقيقة لخلافات بينهما.

صدر الحكم برئاسة المستشار حسين فاضل وعضوية المستشارين عبد الرحيم علي ومعوض ثروت بأمانة سر وائل السيد.

أحال المستشار محمود غيطاس المحامي العام الأول لنيابة جنوب الجيزة المتهم إلى محكمة الجنايات  لأنه في يوم ٢٠٢٤/٥/١٢ بدائرة مركز شرطة الصف - محافظة الجيزة.

قتل المجني عليه "محمد حسن أحمد حسن عمداً مع سبق الإصرار وذلك بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على إزهاق روحه إثر خلافا أشعل بداخله جذوة قتله فأعد لذلك الغرض أداة لإنفاذ جرمه وما أن توجه المجني عليه إلى مكان تواجده أمننا مطمئناً فظفر به المتهم وكال له ضربة استقرت بجبهته فأحدث ما به من إصابات موصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته قاصدا من ذلك إزهاق روحه.

أحرز بغير ترخيص أداة مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحملها مسوغ قانوني من الضرورة المهنية أو الحرفية.

وأحالته إلى محكمة الجنايات المختصة وطلبت عقابه طبقاً لمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة.

والمحكمة نظرت الدعوي على نحو ما هو مسطر بمحاضر جلساتها وبجلسة ٢٠٢٤/١٢/١ قررت وبإجماع الآراء إحالة الأوراق إلينا لإبداء الرأي الشرعي فيما نسب للمتهمين وحددت جلسة الثالث من دور شهر فبراير لسنة ٢٠٢٥ للنطق بالحكم.

الأدلة الشرعية على ارتكاب المتهم جريمته

تضمن تقرير دار الافتاء  إنه من المقرر شرعا أن إثبات الجناية على النفس يكون إما بمقتضى إقرار صحيح يصدر عن الجاني، وإما بمقتضى البيئة الشرعية، وإما بمقتضى القرائن القاطعة.

وقد ثبت من مطالعة أوراق هذه الدعوى أن الجرم الذي اقترفه المتهم قد ثبت وتأيد شرعاً في حقه وذلك بمقتضى القرائن القاطعة على النحو التالي:

ما شهد به "أحمد حسن أحمد حسن" بتحقيقات النيابة العامة بأنه وعلى إثر خلافات مالية بين المتهم وشقيقه المجني عليه "محمد حسن أحمد حسن قام المتهم بتهديد الأخير بقتله إذا عاد لقطعة الأرض خاصتهما ولم ينصاع لأمره وبتاريخ الواقعة هاتفه المتهم مرتين وأخبره بقتل شقيقهما المجني عليه فتوجه لمكان تواجده فأبصره ملقي أرضاً غارقاً في دمائه وعزى قصد المتهم قتل شقيقهما المجني عليه.

ما شهد به مصطفي محمد مسعد محمد دسوقي" نقيب شرطة بتحقيقات النيابة العامة بأن تحرياته السرية توصلت إلى صحة ما شهد به الشاهد الأول من أنه وعلى إثر خلافات مالية بين المجني عليه والمتهم قام الأخير بالاعتداء عليه بالضرب "بأداة" حال تواجدهما بالمزرعة محل الخلاف محدثا إصابته التي أودت بحياته وعزى قصده للقتل.

ما ثبت بتقرير الصفة التشريحية للمجني عليه.

وهذه القرائن في مجموعها تثبت الجرم بحق المتهم ذلك أن القرينة القاطعة هي ما يستخلصه المشرع من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول وهي إمارة ظاهرة تفيد العلم عن طريق الاستنتاج بما لا يقبل شكاً أو احتمالاً ومنها ما نص عليه الشارع أو استنبطه الفقهاء باجتهادهم ومنها ما يستنبطه القاضي من دلائل الحال وشواهده باعتبار أن القضاء فهم.

أوضح تقرير دار الإفتاء أنه من المقرر شرعاً أن القرينة القاطعة هي ما يستخلصه المشرع من أمر معلوم للدلالة علي أمر مجهول، وهي إمارة ظاهرة تفيد العلم عن طريق الاستنتاج بما لا يقبل شكاً أو احتمالاً ومنها ما نص عليه الشارع أو استنبطه الفقهاء باجتهادهم ومنها ما يستنبطه القاضي من دلائل الحال وشواهده باعتبار أن القضاء فهم.

ولما كان الغرض من الدليل الذي يقدم إلى القضاء هو إبانة الحق وإظهاره وقد يوجد في الدعوي من القرائن القاطعة ما يرجح كفة أحد الخصمين ويدل على الحق في الخصومة وليس من العدالة أو الحق أن تقدر دلالتها ويحجر على القضاء الأخذ بها.

وقد اشترط فقهاء مذاهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد ليكون القتل عمداً توافر قصد الجاني قتل المجني عليه بينما فقهاء المالكية لا يشترطون ذلك فيستوي عندهم أن يقصد الجاني القتل أو أن يتعمد الفعل المجرد العدوان فالجاني في الحالتين قاتل عمداً.

وقد جري فقهاء الشريعة على استظهار القصد من الأداة المستخدمة في الجريمة وعلى أن العمدية تستفاد من استخدام أداة قاتلة بطبيعتها.

ولما كان ذلك وكان المقرر عند فقهاء الشريعة أن من تعدي على شخص باستخدام أداة قاصداً القتل ونجم عن فعله القتل غالباً فذلك من قبيل القتل العمد الموجب للقصاص شرعاً إعمالاً لقوله تعالي "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَوَةٌ يا أولي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

فمتى كان ذلك فإذا ما أقيمت هذه الدعوي بالطرق المعتبرة قانوناً قبل المتهم رمضان حسن أحمد حسن ولم تظهر في الأوراق شبهة تدرء القصاص عنه كان جزاؤه الإعدام قصاصاً لقتله المجني عليه محمد حسن أحمد حسن" عمداً.. جزاء وفاقاً

تم نسخ الرابط