الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

الألفاظ غير العربية في القرآن

القرآن الكريم
القرآن الكريم

يقول الكاتب إيهاب الساعدي، من المعروف أن اللغة العربيّة حَوَتْ ألفاظًا غير عربية، سواءً أيام الجاهلية، أو بعد ظهور الإسلام، فمن الأشياء المغلوطة عن الجاهلية أن دنيا أهلها كانت سائبة ويسودها الجهل والتخلف في كل الأشياء والمجالات، إلا اللهم كم شاعرًا كان يقول شعرًا فصيحًا، إلا أنه في الحقيقة سُمت الجاهلية أيام الإسلام بهذا الاسم بسبب الجهل في الدين، أي كانت عبادة الأصنام والأوثان هي الدين السائد بين عرب الجاهلية، وكما هو معلوم أن الإسلام حارب الوثنية وكل السُبُل المؤدية إليها، لكن كان العرب كباقي المجتمعات، فيهم جميع الأصناف، وبحكم عمل العديد من العرب في التجارة، وبحكم طبيعة التجارة حيث أن عليك السفر ومقابلة أفرادًا من أديان وثقافات وملل ونِحل وأعراق مختلفة.

فلقد دخلت بعض الكلمات غير العربيّة على لسان العرب، ولقد عُرِبَ بعضها، أي خضعت إلى اللسان العربي وطريقته في النطق والكلام، وسُمت بالألفاظ المُعّربة، وبعضها الآخر لم يستطع اللسان العربي إخضاعها له، وبقيت كما هي وسُمت بالألفاظ الدخيلة، وبحكم أن القرآن نزل بلسان العرب، فلقد وقع خلاف كبير بين الصحابة واللغويون وعلماء الدين، وانقسموا إلى فرقين، الأول يقول بأن القرآن ليس فيه ألفاظ أعجمية، وعلى رأسهم الشافعي وابن فارس والصحابي أبو عبيدة بن الجراح، وكانت حُجتهم الآيات القرآنية التي تذكر أن القرآن نزل عربيًا، مثال :

{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} يوسف:2

{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} فصلت:3

{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} فصلت:44

وغيرها من الآيات القرآنية على نفس النسق، وبل حتّى وصل الأمر لدى بعضهم مثل أبو عبيدة أن يُكفر كل من قال أن القرآن فيه ألفاظ أعجمية، فيروى عنه قوله : من زعم أن القرآن لسانًا سوى العربية فقد أعظمَ على قول الله.

وفي الفريق الثاني يقول أن القرآن فيه ألفاظ أعجمية، وعلى رأسهم الصحابي ابن عباس، فيروى عنه قوله : في أحرف كثيرة من القرآن من غير لسان العرب، مثل المشكاة واليم والطور والأباريق واستبرق وغير ذلك، وكذلك قول آخر له فيُذكر : سُئل ابن عباس عن {فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ} المدثر:51، تحديدا عن معنى قسورة ؟ فقد قال : هو بالعربية الأسد، وبالفارسية شار، وبالنبطية اريا، وبالحبشية قسورة.

وكانت حُجة هذا الفريق في ذلك أن القرآن نزل بلسان العرب، ولسانهم فيه ما ليس من كلامهم بل هو أعجمي، وبالتالي هذا لا ينقص من القرآن بشيء، فالأمر يشبه أن تؤلف كتابًا باللغة الإنجليزية وبطبيعة الحال الإنجليزية تحتوي على ألفاظ غير إنجليزية، مثل ألفاظ فرنسية وألمانية وإيطالية وعربية، فهل يستوي أن تقول أن هذا الكتاب غير إنجليزي بسبب احتوائه على ألفاظ غير إنجليزية ؟ وكذلك، يُنسب إلى ابن عباس كتاب اللغات في القرآن الكريم، ولم يقف ابن عباس بقوله فرادى، بل ذهب بمذهبه أشخاص آخرون، مثل مقاتل بن سليمان في الأقسام واللغات، والفرّاء والأصمعي وهشام الكلبي والهيثم بن عدي وأبو زيد الأنصاري وابن دريد، والأخير ألف بابًا في جمهرة اللغة تحدث فيه عن الأمر.

{خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} المطففين:26

كنز، أصله كنج بنفس المعنى.

{يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ۚ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا} الفرقان:8

سرادق، أصله سراپدره، وليس سردار كما ذكر الجواليقي، بمعنى دهليز.

{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} الكهف:29

فردوس، أصلها پارايوز، بمعنى حديقة خضراء.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} الكهف:107

أعتقد أن هذا يكفي، تستطيع القول أن هذه مجرد مقدمة للموضوع لأنه حقًا طويل وممتع، على الأقل بالنسبة لي، وأرجو أن تضع تأييدًا أو مشاركةً المقال لأنني تعبت بحق في كتابته، يعني ليس من السهل أن تبحث وتقرأ عن الكلمات وتحقق في أصولها بين عدة أقوال وتبحث عن الآيات التي ذُكرت فيها تلك الكلمات، أعتقد أنني استحق تأييدًا على الأقل.

تم نسخ الرابط