مركز الأزهر: المراهنات الإلكترونية محرمة شرعاً ولها العديد من الآثار السلبية
قال مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أن ما أباحته شريعة الإسلام من الترويح عن النفس إذا اعتبرت المصالح و تركت المضار، لا يجب أن نغفل في ذات الوقت عن ما وضعته الشريعة الإسلامية من حدود وضوابط حتى يستطيع الأنسان المسلم أن يحافظ من خلالها على دينه، ونفسه، وماله، ووقته، وسلامته، وسلامة غيره، ومن أهم هذه الضوابط ألا يشتمل الترويح على مقامرة التي حرمها الشرع.
و أضاف مركز الأزهر إن المراهنات التي يقوموا بها المشاركون على مجموعات مواقع التواصل الإجتماعي والتطبيقات المختلفة، ويدفعون أموالًا في حساباتها، ثم يأخذ هذه الأموال الفائز منهم فقط، ويخسر الباقون أموالهم ؛ هي عين القمار المحرم شرعاً.
حكم القمار في الإسلام
والجدير بالذكر أن القمار أو المراهنة من الميسر المُتَّفق على حرمته شرعًا، حيث أمر الله سبحانه وتعالى باجتنابه في القرآن الكريم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}. [المائدة: 90، 91].
ومن أدلة السنة النبوية على حرمة القمار ( عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال سيدنا رسول الله ﷺ: «من حلف منكم، فقال في حلفه: باللات والعزَّى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرْك، فليتصدق» )[أخرجه البخاري]، يتصدق لأنه دعا غيره إلى القمار، لعلّ الله عز وجل يُذهب السيئة بالحسنة، فكيف إذا بمن قامر بالفعل؟!
فالقمار يعتبر أكلٌ لأموال الناس بالباطل، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، قال القليوبي: ("فلا يصح" -أي القمار- أي وهو حرام وأخذ المال فيه كبيرة كما مر، ويحرم اللعب بكل ما عليه صورة محرمة، وبكل ما فيه إخراج صلاة عن وقتها أو اقتران بفحش). [حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 321)]
كما يعد المال الذي يتم كسبه من القمار مالًا خبيثًا ويرد على أصحابه، وفي حالة تعذر ردّه؛ يتم صرفه في مصالح المسلمين،وذلك تخلصًا منه، وفرارًا من إثمه وتوابعه، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «ولا يكسب عبد مالاً من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق به فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله -عز وجل- لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، وإن الخبيث لا يمحو الخبيث» [أخرجه أحمد في مسنده]؛ أي أن المال المُحرم لا يقبل الله عز وجل منه صدقة؛ وذلك لخبثه، فالله عز وجل طيب لا يقبل إلا الطيب،كما أنه إذا تركه الإنسان في الدنيا ثم مات دون توبة، كان سببًا له في عقوبة الآخرة أعاذنا الله منها.
وكثير من حِكَم تحريم القمار وما يدخله من ألعاب ظاهر جلي، يظهر من حوادث الواقع، حيث لا يخلو القمار من شقاق و تشاحن و بغضاء بين من يقومون بفعله، ولا شك أن الشريعة الإسلامية أغلقت الأبواب المؤدية إلى النزاع والشقاق، وشرع لهذا تشريعات.
آثار القمار على حياة الإنسان
يؤثر القمار سلبًا على الدخل الأُسري و أيضاً الإستقرار المادي بالغرق في الديون، وما يسفر عنه من محاولات التخلص من الحياة، وحالات الانتحار؛ وذلك هربًا من ضغوطه ومشكلاته، كما يواصل تأثيره على الإستقرار العائلي، الذي يؤثر بدوره على الأطفال، ويؤدي إلى العديد من المشكلات الزوجية مما ينتج عنه حالات الإنفصال وارتفاع نسب الطلاق.
ومن ضمن سلبياته أن إدمان القمار مثل إدمان الكحوليات والمخدرات، وهو سبب من أسباب تعاسة الإنسان، وتعسر حالته، وعدم التوفيق في حياته، وفساد أخلاقه، واضطرابات نفسه، بالإضافة إلى أنه دافع قوي إلى وقوع الكثير من الجرائم، مثل السرقة، والانتحار، والكثير من الانحرفات السلوكية في المجتمعات.
ومن غير شك؛ إن المفسدة و الإثم متحققان بشكل كبير في هذه المقامرات، نقلًا وعقلًا، ولا عجب؛ فقد سماها الحق سبحانه في القرآن الكريم {رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}.
ودعا المركز الوالدين والمربِّين والعلماء والأساتذة والدعاة وكذلك الإعلاميين وكل فئات المجتمع بضرورة نشر وعي مجتمعيّ عام يقي أبناءنا وشبابنا و مجتمعاتنا من مفاسد هذه المراهنات على دينهم وحياتهم وأموالهم وأخلاقهم.