ads
السبت 16 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

لاشك أنّ سماحةَ الإسلام فرضتْ علي المسلمين علي مرِّ العصور والأزمان أن يُقابلوا حُجج المُخالف بسعة صدر ولين جانب، وأن يدحضوا حجته بالحجة، ويدمغوا دليله بالدليل؛ بُغية الوصول للحق، الذي هو في حقيقته أبلج مثل الشمس في وضح النهار، لا يحتاج إلى دليل، ولكنّ العناد والكبر هو ما يجعل المُخالِف يرفضه، ويأبى الإذعان إليه .
وإن كنتُ لا أري سببا لهذا الرفض من المخالف - بعد تواتر الأدلة علي صدق نبوة نبينا محمد، وصحة ما نُقل عنه من سنة صحيحة، اجتمع علماءُ الأمة الثقات علي صحتها بعدما عكفوا على غربلتها، وتخليصها من كل مكذوب ودخيل، فكانتْ جهودُ المُحَدّثين الجبارة حديثَ القاصي والداني، وليس أدل علي تلك الجهود من تصنيف صحيحي البخاري ومسلم، وغيرهما من كتب السنة .
إلّا أنّ موتَ قلب المخالف وذهابَ عقله، هما ما أوقعاه في هذا الشّرك والعناد، وصدق القائلُ : لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيا/ ولكنٌ لا حياة لمن تنادي .
وأُذكر بعبارة قالها عبد المطلب صريحة لمّا جاء أبرهةُ الحبشي لهدم الكعبة وهي: أنّ للبيت ربا يحميه، وهانحن نقولها اليوم وبكل قوة : إن للنبيّ محمدٍ ربا يحميه، وليس عليه بعزيز أن يُخرس كل مُتجريء أثيم، ولغ بلسانه النجس في صفحة نسب النبي محمدٍ خاتم الأنبياء، خليل الحق سبحانه .
ولكن رغم هذه المعية والنصر الإلهي، إلا أنّ الأمر منا كمسلمين يجب ألّا يمرّ مرور الكرام، حتي ولو من باب أن يري اللهُ منا خيرا، وحَمية لنصرة خليله، الذي أيده هو سبحانه بنصره، حينما رفضت قريشٌ دينه فقال سبحانه : ( إلا تنصروه فقد نصره الله) .
فبمنطوق الآية، نصرُ الله لنبينا مضمونٌ وآتٍ لا يتخلف، وهو ما نراه بين الحين والآخر، خاصة كلما تشتد حملاتُ التطاول، وما حدث للرسامين الدانماركي والسويدي، صاحبي الرسوم المسيئة للنبيّ ليس بغائبٍ علي ذي سمع وبصر .
ولكنّ الإيمان والتصديق بنبوة محمد، يقتضي أن يشمر كلّ رجالات الدين عن سواعدهم للتصدي لكلّ أفاك أثيم، سعى بليلٍ أو نهار للنّيل من نبينا المصطفى، وذلك بالحرص علي نشر سيرته العطرة ناصعةِ البياض عبر وسائل الإعلام، التي انشغلت بالحديث عن أمورٍ تافهة، لا تسمن ولا تغني من جوع، تُروج للغِيبة والنميمة والزور والبهتان والافتراء والكذب، ونزع فتيل النار ببرامج التوك شو، لتنطلق وصلاتُ (الردح)، وبذاءة اللسان، ونبش الأعراض بين المُستضَافين !
إن إعلامنا يا سادة هو وسيلةُ التعريف بكلّ ما هو نافع ومفيد، وليس أنفع من تعلم سيرة نبينا، ومنوطٌ بهذا الإعلام أيضا وَأد الفتن لا اختلاقها، كما نري صباح مساء !
إنّ ما روّجه زكريا بطرس منذ فترة - وشاهدته مؤخرا عبر يوتيوب، ودفعني لإعادة نشر هذا المقال - ليس جريمة في حق نبينا وحده، بل هي جريمةٌ في حق مجتمع دينه الرئيسي الإسلام .
فلابد من قطع لسان هذا المفتري وأمثاله، والذي تجرأ بكلام لم يقله مُشركو قريش عن نبينا، وأؤكد أنّ ردع العقوبة، سيجعل غيره يُفكر آلاف المرات قبل التعدي أو التطاول .
إنّ قانون ازدراء الأديان، لكيلا يكون حبرا علي ورق، لابد من أن يري المعتدي على الدين منّا( العين الحمرا)، وإلا سيبقي ( يُرعش لنا حاجبيه)، ولسان حاله: موتوا بغيظكم، وذلك بوجود جبهات قوية من المسلمين، تُطالب بحق نبيهم، وتثأر لشرفه وعرضه .
وإذا كان ما قاله زكريا بطرس جريمة وعيبا، فإنّ العيب الأكبر أن يخرج علينا بين الحين والحين مسلمون - أظن أنهم بالبطاقة فقط -  بتصريحات مُستفزّة وتعليقات سخيفة، كالتي قالها إعلامي معروف، أعلن رفضه لصورة الصيدلي، وهو يقرأ  في صيدليته القرآن، مُطالبا - سيادته - ذلك الصيدلي بأن يقرأ بدلا من القرآن مرجعا في الدواء .
هذه النصيحة من ذلك الهُمام تجعلني أهمسُ في أذنه، أو أصرخ : (حرام عليكم .. هنلاقيها من عدو ولّا من حبيب؟). 
وأسأله، إن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد : هل نحن أفضلُ أم صحابةُ النبي، الذين كانوا يتناوبون علي حضور مجلسه والعمل في شئون دنياهم، فجمعوا بين الدنيا والدين !
فاستقيموا .. يرحمكم الله .
[email protected]

تم نسخ الرابط