ads
الخميس 12 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

في الوقت الذي انشغل فيه السوريون بالعملية السياسية وكشف تجاوزات نظام الأسد، لم تنتظر إسرائيل ولا تركيا طويلاً إذ انتهزا الفرصة السانحة وكشفت عن تعاونهما وأمريكا في إسقاط سوريا وإدخالها في المصير المجهول وتحييدها لسنوات طويلة قادمة، وليس فقط إسقاط بشار الأسد.
ففي اليوم الأول لسقوط الأسد وجهت إسرائيل أكثر من 250 ضربة جوية للدفاعات الجوية والمطارات العسكرية ومخازن الأسلحة والذخائر والصواريخ، وقال نتنياهو صراحة أنه أراد بهذه الضربات التي لم تتناسى حتى المراكز البحثية العسكرية، أراد القضاء على كامل قدرات وإمكانات الجيش السوري، وهو الأمر الذي جاء مصحوباً بتوغل عسكري إسرائيلي بالدبابات والاستيلاء على كامل المنطقة العازلة مع سوريا، وتخطى كذلك القنيطرة ليبقى على مقربة عشرات الكيلو مترات من ريف دمشق، ومعلنا أنه ذلك تم بموافقة أمريكا، وأنه الجولان أضحت من اليوم أرض إسرائيلية خالصة.
التحرك الإسرائيلي يكشف عن خبث نوايا نتنياهو حيال كامل المنطقة ومساعيه لتنفيذ الشرق الأوسط الجديد بلا محور المقاومة أو الممانعة كاملاً ، ويقضي فيه على النفوذ الإيراني والروسي، ومستحضرا من جديد النفوذ الأمريكي، ومتقاسما الأدوار مع تركيا الانتهازية، التي اكتفت لأهل غزة ولبنان بالتباكي، بينما تعاون صراحة وعلنا في التدخل لدعم المعارضين السوريين المسلحين لإسقاط بشار وترك سوريا للمصير المجهول، لتتحول من دولة حضارية تمثل أحد ركائز المنطقة العربية، تملك جيشاً مصنفا عالمياً واقتصادا قوياً ، إلى بداية من اللادولة .

إن ما جرى في سوريا رغم تقديرنا الكامل ودعمنا اللانهائي للسوريين في فتح صفحة جديدة وتخطي صفحة من الظلم والاضطهاد وبناء مستقبل يتسع جميع السوريين وبشكل ديمقراطي ، إلا أننا لا نملك أن نخلع أو نتنازل عن مخاوفنا من الانعكاسات السلبية لما جري ولا يزال يجري في سوريا على الأمن القومي العربي، وهي متعددة الأوجه، فمن ناحية اكتسبت إسرائيل وتركيا رقعة واسعة يتحكمون في مصيرها واراضيها معرضة أكثر من ذي قبل للقضم والاحتلال بالكلية من قبل إسرائيل وتركيا معا، فضلا عن أن خلفية المعارضة المسلحة لتحمل مخاوفا من أنه مع أول اختلاف على اقتسام الغنائم والمناصب من الوارد أن يحدث اختلاف واقتتال مسلح بينهم وتتحول الدولة إلى فوضى جديدة، فضلا عن أن تجربة الحكم الجديد ربما تعطي نفسا جديدا لداعش وأخواتها، وتصبح سوريا ملجأ لتلك الجماعات المتطرفة.
إن الأمن القومي العربي ليتعرص لمرحلة شديدة الخطورة والقضاء من قبل على العراق وجيشها واضعافه واغراقه في مشاكل عرقية، كما هو الحال في لبنان، وكذلك ليبيا والسودان واليمن، لهو تفريغ للمنطقة ليبقى الجيش المصري المعاهد وحده قائما في الحوار للكيان الصهيوني، وتبقى بلدان الحوار الاسرائيلي بلا جيوش حقيقية لا تمثل خطراً عليه، وحتى محور المقاومة الذي كان يناور مع إسرائيل جرى القضاء عليه، وإيران ستنكفئ على نفسها لتنجو من الملاحقة أيضاً.
فمن للمنطقة ومن يواجه ذلك الجموح الصهيوني، وهل من منقذ من تلك السيناريوهات شديدة الخطورة على الجميع ؟! إن لم ننتبه جميعاً لتلك المخططات الصهيونية الأمريكية التركية لأضحت منطقتنا رهن بالجنون الإسرائيلي والذي لا يؤمن شره مهما عاهدنا ومهما عاهدناه.

تم نسخ الرابط