ads
الثلاثاء 14 يناير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

**أنعي إليكم ببالغ الحزن والأسى ابني وصديقي وأخي الشهيد محمد عبد الجليل نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية، الذي رحل عن عالمنا صباح اليوم إلى الفردوس الأعلى بإذن الله بعد نضال وكفاح بالغ الشجاعة ضد المرض اللعين الذي هاجمه منذ أكثر من عام وتسلل إلى المخ في لحظة غادرة وألم عظيم قابله فارسنا بكل الشجاعة والصبر والرضا بما قسمه الله سبحانه وتعالى، محاولا ما أمكن أن يخفف تأثير ذلك على من حوله من أهله ومحبيه.

**اضطر محمد عبد الجليل للتوقف عن الحضور إلى مقر عمله بالجمهورية ليخوض معركة المواجهة مع المرض ويبدأ رحلة العلاج الصعبة التي يصاحبها آلام فوق احتمال البشر، نابعة من المقاومة المستميتة للآلام والأحلام ..اضطر محمد عبد الجليل بعد إن حقق في سنوات قليلة خطوات مهمة في مهنة الصحافة، منذ مجيئه للعمل في الجمهورية قادما من محافظته البحيرة حاملا تخصص الصحافة من كلية آداب الزقازيق ،بادئا بقسم المحافظات -فيما أذكر- وكان صاحب قلم واعد وموهبة مبشرة، ثم انتقل إلى قسم التحقيقات ومنها إلى القسم البرلماني حيث أثبت كفاءته في كل مكان مما أهله ليعود مشرفا على قسم التحقيقات ونائبا لرئيس التحرير..

**ظل محتفظا بمكتبه الصغير في صالة التحقيقات في الدور الثامن، يواظب على الحضور، ويوميا يحيي تقليدا أصيلا من تقاليدنا المصرية وأعني به (العيش والملح) يسعد بإحضار الإفطار معه للزملاء من جميع الأقسام، يقدم لهم الطعام بنفس راضية وحب عظيم، وفي عهده أراد الكثير من الزملاء العمل معه في التحقيقات، فرحب بهم وحرص على التمسك بقواعد العدالة والتشجيع مهما كانت الظروف صعبة او قاسية.

**كنا نجد لدى محمد عبد الجليل الحل الرائع والصحيح،ونجح خلال عمره القصير أن يكون صديقا يلجأ إليه الجميع، يساند أصحاب الحق، ويحل المشكلات، بحماس وصدق وشجاعة وكأنها تخصه شخصيا..

فأرسى تقاليد إنسانية في رعاية الجيل الجديد من الزملاء، أفرزت مودة جعلتنا جميعا نشعر بالألم عندما غاب عن الجريدة لدواعي العلاج..

**لكن لم تنقطع أبدا صلة محمد عبد الجليل بنا طوال فترة العلاج حيث كان في لحظات الصحو والانتصار المؤقت على الآلام يتصل بنا محاولا الاطمئنان علينا ..سلوكيات الملائكة تسكن القلب الرحيم .. حتى عندما أحس بقلبه المؤمن وفؤاده النقي بقرب الرحيل عن الأحباب إلى عالم البقاء، طلب من أهله أن يأخذوه إلى بلدته أبو المطامير ليغادر عالمنا في لحظة موعودة دون أن يكلف أحبابه في مسقط رأسه عناء السفر إلى منزل أسرته الصغيرة.

**هكذا هم الفرسان النبلاء الأوفياء، يؤثرون أحبابهم ومن يحتاجون إليه بالمساندة والدعم عند اللزوم لتكتمل سعادتهم ورضاهم، ومن واجبنا مثل هذا الإنسان الذي مد يديه بالخير للجميع ان نطمئن وندعم أسرته الصابرة: الزوجة الوفية التي تحملت فوق ما يحتمل البشر برضا وتسليم بإرادة الله وأبنائه المتفوقين الذين أحسن تربيتهم وأعدهم لمواصلة رسالته ومنهجه وأشقائه وشقيقاته وأهله وكل عائلته المحترمة..المثال الرائع للعائلة المصرية الأصيلة المتمسكة بالأخلاق والتقاليد الحكيمة..

**أعزيكم ونفسي وأسألكم دوام الدعاء لصديق لم يتوقف يوما عن دعمكم والوقوف بجانبكم ما استطاع وها هو يوم رحيله يترك لنا نموذجا نادرا للحب والوفاء والإيثار..

الدعاء له واجب وحق ..أسكنه الله فسيح جناته بإذنه ورضاه وإنا لله وإنا إليه لراجعون.

تم نسخ الرابط