ads
الأربعاء 22 يناير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

بداية أعتذر عن ترشيحي لك كتبا تقرأها، لأنني أعد هذا الترشيح نوعا من الوصاية غير المقبولة، فكل قارئ له ذوقه وعقله، لكن عليك ان تعتبرني بهذه اللفظة دالا على الخير. 
مع اقتراب أيام المعرض أسارع كل عام شوقا إلى ساحته، انتقي ما أشاء من الكتب التي تتوق إليها نفسي وروحي ويصبوا إليها شغفي وهواي المعرفي.. ومع رغائب القراء المختلفة المتنوعة، وهرولتهم نحو المعرض ودوره لاقتناص روائع الأعمال، إلا أنني أشعر أنني نوع مختلف ومغاير لكثير من القراء.. فإنني أجد في نفسي دفعا قويا نحو تلك الصالة التي تستضيف منصات سور الازبكية، لا لأحصل على الكتب الرخيصة، فليس رخص الكتاب غاية المثقف الجاد، لكنني والحق يقال:  أعشق منصات السور، لأنه يفرز لي نوعا من ثقافة ومصادرها التي انقرضت ولا يعد لها اليوم أي وجود، وهي كتب فترة السبعينات والثمانينات، وهي الفترة التي ضمت أعظم وأفخم وأجدر الكتاب في نظري، من وُهبوا البراعة والعبقرية في إحكام القلم، وتنوعت معارفهم وتفردت تجاربهم، فقدموا لنا وقتها أعظم مادة يمكن أن تشكل عقل المثقفين. 
والحق أنني لم أعاصر هذه الحقبة، فقد كنت صغيرا، فأنا من مواليد 78 لكنني حينما كبرت وولجت عالم الكتب، تبين لي أن هؤلاء هم الأماثل، وأنهم الوحيدون الذين أسروا لبي ووجداني بكتاباتهم. 
وانا هنا لا أتحدث عن جيل الأربعينات والخمسينات والستينات، وإنما أخص بالذكر جيلي السبعينات والثمانينات، وبالأخص الثمانينات. 
قم بنفسك واذهب للبحث عن كتب الثمانينات، لتدرك أنك وجدت كنزا عظيما من الكتابات الفخمة الرائقة التي تشعر معها بقوة أنك تقرأ لأقلام رزينة متينة قويمة، ورغم أن الكتب يشوبها القدم نوعا ما، إلا أن هذا القدم ساحرية زادتها بريقا وبهاء. 
أرى اليوم بعض الكتاب يرشحون كتابا للقراء في معرض هذا العام حتى وهم لم يقرؤوا منها حرفا، فهل قرؤوا منها شيئا ليحكموا عليها بالجودة أم أنها مجاملة لأصحابهم من الكتاب والمؤلفين؟
لكنني اليوم حينما أرشح لك أي كتاب من فترة الثمانينات، فإنني أثق ثقة عمياء مطلقة، أنني اخترت لك الروعة والجمال والفكر والأناقة والثقافة الوافرة.
في المعرض الفائت حصلت على دفعة من هذه الكتب التي تنتمي إلى عصر الثمانينات، فلم يكن كتاب منها إلا وله قيمة عظيمة. 
لله در الثمانينات. 
ولكم تمنيت أن تقوم دار ذكية لتحصر كل كتاب صدر في تلك الحقبة وتعيد طباعته مرة أخرى وتعرضه إلى الجنهور لتفتح لنا آفاق الثقافة الحقيقية مرة أخرى.
لا تسالني من هم هؤلاء الكتاب، أو اضرب لنا مثلا.. لكن يكفي أن تقتني كتب المشاهير من تلك الفترة لتستشعر ما أقول.

تم نسخ الرابط