من شاهد مسلسل إقامة جبرية قد يظن أنه محض خيال ومبالغ فيه ولكن في حقيقة الأمر هو تجسيد للواقع الذي نعيشه الأغرب من الخيال بل يناقش العديد من القضايا المجتمعية والمشاكل النفسية التي يعاني منها البعض ويتغافل عنها البعض؛ فقصة سلمى التي جسدتها المبدعة هنا الزاهد والتي تفوقت على كل من في جيلها بإبداعها في التمثيل وتفوقت على نفسها وعلى الكل لدرجة شعر كل من شاهد المسلسل أنها مريضة نفسية بالفعل وليس مجرد تمثيل؛ فبداية ناقش المسلسل بطريقة غير مباشرة المشاكل الأسرية وخاصة أزمة الأب والأم الذين يعيشون سويا تحت مظلة الطلاق الصامت من أجل الأطفال ولا يعلمون أن أول من يدفع الثمن هم الأطفال؛ فالأطفال الذين يرون المعاملة السيئة من الأب تجاه الأم لن ينسون ذلك بل تتشكل عقدة وأزمة نفسية تكبر معهم وتظن الأم أن صبرها على الأذية تضحية من أجل أطفالها ولا تعلم بأنها تأذيهم نفسيا! والأم التي تروي لأولادها معاناتها مع والدهم لا تعلم بأنها تنشئ لديهم عقدة وكراهية تجاه الأب لا يستطيعون نسيانها مع الزمن بل تصبح لديهم عقدة نفسية من الأب؛ فشاهدت على أرض الواقع من تعاني من أزمة نفسية من والديها وبدون أن تشعر انتقلت تلك الأزمة لأولادها فأصبحت عقد وأمراض نفسية تنتقل من جيل إلى جيل؛ كما ناقش المسلسل أزمة احتياج الأطفال للحب والحنان أكثر من احتياجاتهم المادية فبعض الآباء قد يعتقدون بأن مجرد أنهم وفروا لأولادهم الاحتياجات المادية فهذا كاف!.
ولكن هذا ليس بصحيح فالطفل يحتاج للحب والحنان والأشياء المعنوية أكثر من المادية لذا قد تجد طفل سوي نفسيا يعيش وسط أسرة فقيرة وليس لديه قدر كاف من الاحتياجات المادية ولكن استطاع والديه أن يمنحونه الحب والحنان والأمان وبار بوالديه بعكس طفل قد يعيش في وسط أسرة غنية ولديه جميع الاحتياجات المادية ولا ينقصه شىء لكن في حقيقة الأمر هو مفتقد للحب والحنان والأمان فيجعله طفل معقد وفي الكثير من الأحيان غير بار لوالديه!.
فبسبب الحب الذي فقدته سلمى بطلة المسلسل من والديها أصبحت تبحث عنه طيلة حياتها من كل من تصادفهم في الحياة وكل ما أرادته هو الحب الدائم الذي لن تحصل عليه إلا من والديها وإذا فقدته لن تجده في أي شخص على وجه الأرض! فقد يلعب بعض الآباء دور الضحية في سبيل إسعاد أبنائهم ولا يعلمون أن الضحية في النهاية هم الأبناء! فملخص المسلسل تمعنوا في اختيار شريك الحياة ولا تتسرعوا في الزواج فهو ليس محل للتجربة وخاصة إذا نتج عنه أبناء؛ بل هو ميثاق غليظ لا يقدم عليه إلا من هو أهل له والإنجاب أيضا ليس مجرد عزوة ولا مجرد طفل يحمل الاسم ولا الفكر الخاطيء أن الطفل يأتى معه الرزق بل هو روح تسأل عنها مسؤولية توفير الأشياء المعنوية قبل المادية ؛ تربية سوية من آباء أسوياء تربية بمثابة درع آمن له ووقاية مما يتعرض له الطفل سواء من أطفال مثله في المراحل التعليمية ومن مجتمع سوف يعيش فيه في المستقبل يجب أن يكون قوي نفسيا ليتعايش معه؛ فالأم هي الدرع الآمن لأولادها هي من تربي لديه أفكار صحيحة وتجعله سوي نفسيا لا يتأثر بالسلبيات التي حوله ولا تؤثر فيه سلبا؛ فاليوم أصبح الأطفال يعانون نفسيا وهم في مرحلة الطفولة التي من المفترض أن يعيشوا فيها مرتاحين البال؛ ففي زمن السوشيال ميديا أصبح الأطفال ينظرون لبعضهم البعض ويقلدون بعضهم البعض ومن ثم يصابون بالعقد والأمراض النفسية ويصل الأمر إلى اكتئاب ونشاهد بعض الأطفال يستخدمون لفظ انتحار فهذا مؤشر خطر يجعل الآباء يعيدون النظر في تربيتهم لأطفالهم!.. أجد أن إقامة جبرية ناقوس خطر للمجتمع والأسرة يجب الانتباه لرسائله.