ads
السبت 08 فبراير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

لم يعد خافيا ما تم تدبيره ويتم لدول العرب وما يراد لها وبخاصة مصر،حتي بلغ الأمر إلي أن يكون علانية في تحد وقح وبجاحة منقطعة النظير.
والله إنه لأمر جلل ومصاب عظيم أن تبتلي الأمم في وحدة صفها وقوة بنيانها العقدي والأخلاقي وولائها لأوطانها وأمتها.
إنه مخطط مدروس بعناية ومرسوم بدقة .
تقول‭ ‬الكاتبة‭ ‬الكندية‭ (‬نعومي‭ ‬كلاين‭) ‬في‭ ‬كتابها‭ (‬عقيدة‭ ‬الصدمة‭) ‬إنه‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬طرح‭ ‬العالم‭ ‬دونالد‭ ‬كمرون‭ ‬سؤالا،‭ ‬وهو‭: ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬أفكار‭ ‬الإنسان‭ ‬بصورة‭ ‬كاملة؟‭ ‬بمعنى‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نصنع‭ ‬إنسانًا‭ ‬جديدًا‭ ‬مختلفا‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬الإنسان‭ ‬القديم‭ ‬بكل‭ ‬أفكاره‭ ‬وقيمه‭ ‬وعواطفه‭ ‬وقناعاته؟‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬والأطروحات‭ ‬توصل‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬نظرية‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬يمكن‭ ‬صنع‭ ‬إنسان‭ ‬جديد؛‭ ‬ولكن‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬الإنسان‭ ‬القديم‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬صفحة‭ ‬بيضاء‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬صنع‭ ‬إنسان‭ ‬جديد‭ ‬بكل‭ ‬القيم‭ ‬والأفكار‭ ‬الجديدة‭.‬
وحتى‭ ‬تتحول‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬يمكن‭ ‬تنفيذها‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬والدول‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬الفكرة‭ ‬وكل‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الأمريكي‭ ‬اليهودي‭ ‬الاقتصادي‭ (‬ميلتون‭ ‬فريدمان‭) ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬حينئذ‭ ‬‭ ‬محاضرا‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬شيكاغو،‭ ‬والذي‭ ‬خرج‭ ‬بالنظرية‭ ‬التالية‭: ‬‮«‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعرضها‭ ‬لصدمة‭ ‬كبيرة‭ ‬جدًا‭ ‬بحيث‭ ‬تفقدها‭ ‬توازنها‭ ‬وبالتالي‭ ‬قيمها،‭ ‬ومبادئها،‭ ‬لتجعلها‭ ‬ملكا‭ ‬لك‭ ‬وحدك‭ ‬ومستسلمة‭ ‬لك‭ ‬تمام‭ ‬الاستسلام،‭ ‬تنفذ‭ ‬أوامرك‭ ‬ورغباتك،‭ ‬ومرعوبة‭ ‬من‭ ‬عدو‭ ‬وهمي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬إلا‭ ‬أنت‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‮»‬‭. ‬
وحتى‭ ‬تتم‭ ‬هذه‭ ‬الصدمات‭ ‬وتنشأ‭ ‬بعدها‭ ‬تلك‭ ‬الزعزعة‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬إذكاء‭ ‬النعرات‭ ‬الطائفية‭ ‬والعصبيات‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المتماسك‭ ‬لتمزيقه،‭ ‬وتقديم‭ ‬قدوات‭ ‬زائفة،‭ ‬لتسطيح‭ ‬الفكر‭ ‬المجتمعي،‭ ‬ونقل‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المهمات،‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬سفاسف‭ ‬الأمور،‭ ‬والجري‭ ‬وراء‭ ‬الموضة‭ ‬والملذات،‭ ‬وفقدان‭ ‬الحس‭ ‬بأهمية‭ ‬احترام‭ ‬الوطن‭ ‬وأُسسه‭ ‬ورموزه،‭و ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬يتم‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الخونة‭ ‬المندسين،‭و ‬عن‭ ‬أصحاب‭ ‬الأجندات‭ ‬المريبة‭ ‬والمطامع‭ ‬الشخصية،‭ و‬عن‭ ‬أتباع‭ ‬العقائد‭ ‬المناقضة‭ ‬والمنافرة‭ ‬لعقيدة‭ ‬البلد،‭ ‬وغير‭ ‬المتعايشة‭ ‬معها،‭و ‬عن‭ ‬عملاء‭ ‬دول‭ ‬معادية،‭ ‬يمكن‭ ‬شراؤهم‭ ‬وتجنيدهم،‭ ‬ثم‭ ‬دعم‭ ‬الجميع‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬ملحوظة‭.‬
وهنا‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تتزعزع‭ ‬المواطنة‭ ‬والولاء‭ ‬للوطن‭ ‬ليصبح‭ ‬الولاء‭ ‬للطائفة‭ ‬والفكر،‭ ‬وربما‭ ‬أجندات‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الوطن‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬المجتمع‭.‬حتى‭ ‬تتحول‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬يمكن‭ ‬تنفيذها‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬والدول‭ ‬
وهنا‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تتزعزع‭ ‬المواطنة‭ ‬والولاء‭ ‬للوطن‭ ‬ليصبح‭ ‬الولاء‭ ‬للطائفة‭ ‬والفكر،‭ ‬وربما‭ ‬أجندات‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الوطن‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬المجتمع‭.‬
ناهيك عن حرب المعلومات التي حلت بدلا عن الحرب العسكرية التقليدية فهي أسرع وأخطر منها بكثير
"فقد نشرت مجلة جون أفريك الفرنسية تقريرا خاصا بعنوان "حرب المعلومات فى عصر ما بعد الحقيقة فى العالم العربي"، أشار هذا التقرير إلى أن الحرب الحقيقية الآن هى حرب المعلومات التى تُعدُّ أداة لمواصلة الصراع التقليدى (الحروب المسلحة) بالمعلومات المفبركة أو الشائعات، والتى أصبحت واقعا يتغلغل فى العلاقات بين الدول، وظاهرة تتصاعد حدتها فى بلادنا العربية. فى إطار هذا التقرير، أشارت المجلة إلى أنه فى أوائل القرن الحادى والعشرين، استخدمت الشائعات كأداة خبيثة لإحداث النزاعات فى الشرق الأوسط، ويُعرف المعجم الوسيط الشائعة بأنها تداول الخبر دون التحقق من مصادره أو مصداقيته، وقد أثبتت الدراسات أن ٧٠% من قيمة المعلومة تسقط فى أثناء تداولها بين الأشخاص وصولا إلى الشخص الخامس، أو السادس. والشائعات قديمة قدم الإنسان، وقد ابتلى بها الرسل والأنبياء، وللشائعات أغراض سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، ودينية، وغيرها، تروجها جماعات أو أحزاب داخل الدولة، وتكون مُعادية للنظام الحاكم، أو خارج الدولة مع دول مُعادية. إذن، حروب الجيل السادس هى حرب معلوماتية ممنهجة فى صورة إشاعات مُغرضة تنطلق من شبكات التواصل الاجتماعى كونها الأكثر شعبية، وتجمع أكبر عدد من المستخدمين حول العالم، وأصبحت هذه الشبكات بيئة خصبة لنمو هذه الشائعات وانتشارها، ولما كانت هذه الشبكات تُعطى مستخدميها حرية التعبير عن آرائهم دون تقييد؛ لذا سنجدها تحمل بين صفحاتها المعلومات الحقيقية والمغلوطة التى تنتقل بين الآخرين بسرعة تفوق سرعة الضوء، حيث أثبتت الدراسات الأجنبية أن بعض المعلومات المقدمة عبر الشبكات الاجتماعية تفتقد إلى الجودة والوضوح والحيادية، وتشوبها بعض التحيزات، والانتماءات العرقية، وعدم الشفافية؛ ما أدى إلى عزوف الأدباء والمفكرين وغيرهم عن التعامل مع هذه المعلومات، ويعدُّونها مصادر غير رسمية إذا كانت شخصية أو مجهولة المصدر، ومن هنا ظهرت لنا أزمة مصداقية المعلومات Information Credibility Crisisكردة فعل للزيادة الهائلة فى كمية المعلومات الإلكترونية المنشورة عبر هذه الشبكات، فالمشكلة ليست حول المعلومات المغلوطة فقط، وإنما تمتد لتشمل الأشخاص المتلقين لهذه المعلومات، خاصة محدودى الثقافة والتعليم؛ فهم ضحايا الشائعات".
أما عن استهداف مصر خاصة فذلك لما لها من مكانة عظيمة عبر التاريخ ،وأنها الصخرة التي تتحطم عليها طموحات المعتدين على دول الشرق بأسره ، وهي الكاسرة لشوكتهم والهازمة لجيوشهم.
قال ابن الكندي المصري: " فضل الله مصر على سائر البلدان، كما فضل بعض الناس على بعض، والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضل على ضربين: في دين أو دنيا، أو فيهما جميعاً، وقد فضل الله مصر وشهد لها في كتابه؛ بالكرم وعِظم المنـزلة، وذكرها باسمها، وخصها دون غيرها، وكرر ذكرها، وأبان فضلها في آيات من القرآن العظيم، تنبئ عن مصر وأحوالها، وأحوال الأنبياء بها، والأمم الخالية، والملوك الماضية، والآيات البينات، يشهد لها بذلك القرآن، وكفى به شهيداً، ومع ذلك رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في مصر وفي عَجَمها خاصة -أي القبط- وذكره لقرابته ورحمهم، ومباركته عليهم وعلى بلدهم، وحثه على برهم ما لم يُرو عنه في قوم من العجم غِيرهم... مع ما خصها الله به من الخصب والفضل، وما أنزل فيها من البركات، وأخرج منها من الأنبياء والعلماء والحكماء والخواص والملوك والعجائب بما لم يخصص الله به بلداً غيرها، ولا أرضاً سواها. فإن ثَرّب علينا مُثّرِّب بذكر الحرمين، أو شَنّع مُشنع، فللحرمين فضلهما الذي لا يُدفع، وما خصهما الله به مما لا ينكر، من موضع بيته الحرام، وقبر نبيه عليه الصلاة والسلام، وليس ما فضلهما الله به بباخسٍ فضلَ مصر، ولا بناقص منزلتها، وإن منافعها في الحرمين لبينة، لأنها تُميرهما بطعامها وخصبها وكسوتها وسائر مرافقها، فلها بذلك فضل كبير، ومع ذلك فإنها تطعم أهل الدنيا ممن يرد إليها من الحاج طول مقامهم يأكلون ويتزودون من طعامها من أقصى جنوب الأرض وشمالها ممن كان من المسلمين في بلاد الهند والأندلس وما بينهما، لا ينكر هذا منكر، ولا يدفعه دافع، وكفى بذلك فضلاً وبركة في دين ودنيا".
وختاما أقول: في ضوء مانراه من حروب بأجيالها المختلفة، وأخطرها حرب الشائعات والمعلومات المفبركة التي تريد زعزعة استقرار الدول من الداخل لإضعافها والسيطرة عليها، أري أن التوعية بخطورة هذه الحروب بات ضروريا وجزءا من الأمن القومي للدولة ،بحيت تكون التوعية عن طريق مقررات دراسية في مراحل التعليم ، وعقد ندوات بهذا الشأن ، وإعداد برامج لها بالإذاعة والتلفاز وغير ذلك.

تم نسخ الرابط